والمُعْتَرُّ: الذى يَعْتَرِيكَ. أى يَتَعَرَّضُ لَكَ لِتُطْعِمَه، ولا (١٠) يَسْأَل، فذَكَرَ ثلاثةَ أصْنافٍ، فيَنْبَغِى أن يُقْسَمَ بينهم أثْلاثًا. وأما الآيةُ التى احْتَجَّ بها أصْحابُ الشافِعِىِّ، فإنَّ اللَّه تعالى لم يُبَيِّنْ قدرَ المأْكولِ منها والمُتَصدَّقِ به، وقد نَبَّه عليه فى آيَتِنا، وفَسَّره النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بفِعْلِه، وابنُ عمرَ بقَوْلِه، وابنُ مسعودٍ بأمرِه. وأمَّا خَبَرُ أصحابِ الرَّأْىِ، فهو فى الهَدْىِ، والهَدْىُ يكثُرُ، فلا يَتَمَكَّنُ الإنسانُ من قَسْمِه، وأخذِ ثُلثِه، فتَتَعَيَّنُ الصَّدَقَةُ بها، والأَمْرُ فى هذا واسِعٌ، فلو تصَدَّقَ بها كُلِّها أو بأكثْرِها جازَ، وإِنْ أكلَها كُلها إلَّا أُوقِيَّةً تصدَّقَ بها جازَ. وقال أصْحابُ الشافِعِىِّ: يجوزُ أكْلُها كُلُّها. ولَنا، أَنَّ اللَّه تعالى قال:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}. وقال:{وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}. والأَمْرُ يَقْتَضِى الوُجُوبَ. وقال بعضُ أهلِ العلمِ: يجبُ الأكلُ منها، ولا تجوزُ الصَّدَقَةُ بِجَمِيعِها؛ للأَمْرِ بالأَكْلِ منها. ولَنا، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَحَرَ خَمْس بَدَناتٍ، ولم يأكُلْ منهنَّ شيئًا، وقال:"مَنْ شاءَ فَلْيَقْتَطِعْ". ولأَنَّها ذَبِيحةٌ يتقرَّب إلى اللَّه تعالى بها، فلم يجِبْ الأَكْلُ منها، كالعَقِيقَةِ، والأَمْرُ للاسْتِحْبابِ، أو للإِباحَةِ، كالأَمْرِ بالأَكْلِ من الثِّمارِ والزَّرعِ، والنَّظَرِ إليها.
(٦) فى م: "الأصفهانى". وهما بمعنى. وهو أبو موسى محمد بن عمر بن أحمد، ابن المدينى، الشافعى، الحافظ، صاحب التصانيف، منها كتابه "الوظائف"، توفى سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. طبقات الشافعية الكبرى ٦/ ١٦٠ - ١٦٣. (٧) فى أ: "نعلم". (٨) سورة الحج ٣٦. (٩) هو الشماخ، والبيت فى ديوانه ٢٢١. (١٠) فى م: "فلا".