حنيفةَ، ومالِكٍ، والأَوْزَاعِىِّ، وعَبْدِ اللَّه بِن مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ (١٤). واخْتَلَفَ (١٥) عن أحمدَ فيها، فقِيل عنه: هي آيَةٌ مُفْرَدَةٌ كانت تَنْزِلُ بين سُورَتَيْنِ، فَصْلًا بَيْنَ السُّوَرِ. وعنهُ: إنَّما هي بَعْضُ آيَةٍ مِن سُورَةِ النَّمْلِ. كذلكَ قال عبدُ اللَّه بن مَعْبَدٍ، والأوْزاعِيُّ: ما أَنْزَلَ اللهُ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} إلَّا في سُورَةِ النَّمْلِ (١٦): {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}(١٧). والدَّلِيلُ على أنَّها ليست مِن الفاتحَةِ، ما رَوَى أبو هُرَيْرةَ، قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقولُ:"قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِى وبَيْنَ عَبْدِى نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ، فَإذَا قَالَ العَبْدُ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ. قالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِى عَبْدِى. فإذَا قالَ: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قالَ اللهُ: أثْنَى عَلَىَّ عَبْدِى. فَإذَا قالَ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. قالَ اللهُ: مَجَّدَنِى عَبْدِى. فَإذَا قَالَ: إيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِينُ. قالَ اللهُ: هَذَا بَيْنِي وبَيْنَ عَبْدِى، ولِعَبْدِى مَا سَأَلَ. فَإذَا قَالَ: اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِينَ. قال: هَذَا لِعَبْدِى، وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ". أخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (١٨). فلو كانت {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} آيةً لَعَدَّها (١٩)، وبدأ بها، ولم يَتَحَقَّق التَّنْصِيفُ، لأنَّ آياتِ الثَّنَاءِ تكونُ أرْبَعًا ونِصْفًا، وآياتِ الدُّعَاءِ [اثْنَتَيْنِ ونِصْفًا](٢٠). وعلى ما ذَكَرْنَاه يَتَحَقَّقُ التَّنْصِيفُ. فإنْ قيل: فقد رَوَى عبدُ اللهِ بن زِيَاد بن سَمْعَانَ (٢١): "يقولُ
(١٤) عبد اللَّه بن معبد الزماني، بصرى تابعي ثقة. والزماني نسبة إلى زِمَّان بن صعب بن على بن بكر بن وائل، من ربيعة. الأنساب ٦/ ٢٩٦. تهذيب التهذيب ٦/ ٤٠. (١٥) أي النقلُ. (١٦) سقط من: م. (١٧) سورة النمل ٣٠. (١٨) تقدم في صفحة ١٤٢. (١٩) في الأصل: "عدها". (٢٠) في الأصل: "ثلاث ونصف". (٢١) أي عن أبي هريرة، وهو الحديث السابق. وأخرجه الدارقطني بهذا اللفظ في: باب وجوب قراءة {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. . . إلخ، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني ١/ ٣١٢.