الرجلُ (٢٢). ورُوِىَ أَنَّ رجلًا سأل ابنَ عباسٍ عن نِكاحِ الزَّانِيَةِ، فقال: يجوزُ، أرَأيْتَ لو سَرَقَ من كَرْمٍ، ثم ابْتاعَه، أكان يَجُوزُ (٢٢)؟ . ولَنا، قولُ اللَّه تعالى:{وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} إلى قولِه: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}(٢٣). وهى قبلَ التَّوْبةِ فى حُكْمِ الزِّنَى، فإذا تابَتْ زال ذلك؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ"(٢٤). وقولِه:"التَّوْبةُ تَمْحُو الْحُوَبةَ"(٢٥). ورُوِىَ أَنَّ مَرْثَدًا دَخَلَ مَكَّةَ، فرأى امرأةً فاجِرةً يُقال لها عَنَاقٌ، فدَعَتْه إلى نَفْسِها، فلم يُجِبْها، فلما قَدِمَ المدينةَ سألَ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له (٢٦): أَنْكِحُ عَناقًا؟ فلم يُجِبْه، [فنزَل قولُه](٢٧) تعالى: {الزَّانِى لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}. فدَعاهُ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فتَلَا عليه الآيةَ، وقال:"لَا تَنْكِحْهَا"(٢٨). ولأنَّها إذا كانت مُقِيمةً على الزِّنَى لم (٢٩) يَأْمَنْ أن تُلْحِقَ به [ولدًا من](٣٠) غيرِه، وتُفْسِدَ فِرَاشَه. فأمَّا حديثُ عمرَ، فالظاهرُ أنَّه اسْتَتابَها. وحديثُ ابنِ عباسٍ ليس فيه بيانٌ، ولا تَعَرُّضَ له لمَحَلِّ (٣١) النِّزاعِ. إذا ثَبَتَ
(٢٢) أخرجهما ابن أبى شيبة، فى: باب فى الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها، من رخص فيه، من كتاب النكاح. المصنف ٤/ ٢٤٨. وعبد الرزاق، فى: باب الرجل يزنى بامرأة ثم يتزوجها، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٢٠٣، ٢٠٤. وسعيد بن منصور، فى: باب الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها. السنن ١/ ٢٢٤. والبيهقى، فى: باب ما يستدل به على قصر الآية على ما نزلت فيه أو نسخها، من كتاب النكاح. السنن الكبرى ٧/ ١٥٥. (٢٣) سورة النور ٣. (٢٤) أخرجه ابن ماجه، فى: باب ذكر التوبة، من كتاب الزهد. سنن ابن ماجه ٢/ ١٤٢٠. (٢٥) الحوبة: الإثم. والحديث أخرجه أبو نعيم، فى: حلية الأولياء ١/ ٢٧٠. (٢٦) سقط من: م. (٢٧) فى م: "فأنزل اللَّه". (٢٨) أخرجه أبو داود، فى: باب فى قوله تعالى: {الزَّانِى لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً}، من كتاب النكاح. سنن أبى داود ١/ ٤٧٣. والنسائى، فى: باب تزويج الزانية، من كتاب النكاح. المجتبى ٦/ ٥٤، ٥٥. (٢٩) فى ب: "لا". (٣٠) فى م: "ولد". (٣١) فى الأصل، ب: "بمحل".