ويخْتارُ ذاتَ العَقْلِ، ويَجْتَنِبُ الحَمْقاءَ؛ لأنَّ النِّكاحَ يُرادُ للعِشْرَةِ، ولا تَصْلُحُ العِشْرةُ مع الحَمْقاءِ ولا [يَطِيبُ العَيْشُ](٢٥) معها، وربَّما تَعَدَّى ذلك إلى وَلَدِها. وقد قيل: اجْتَنِبُوا الْحَمْقاءَ، فإنَّ وَلَدَها ضَيَاعٌ، وصُحْبَتَها بَلَاءٌ. ويخْتارُ الحَسِيبةَ؛ ليكونَ وَلَدُها نَجِيبًا، فإنَّه رُبَّما أشْبَهَ أَهلَها، وَنزَعَ إليهم. وكان يُقال: إذا أرَدْتَ أن تتَزَوَّجَ (٢٦) امرأةً فانْظُرْ إلى أبِيها [وأَخِيها](٢٧). وعن عائشةَ، قالت: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُم، وانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ، وأنْكِحُوا إلَيْهِمْ"(٢٨). ويخْتارُ الأجْنبيَّةَ؛ فإن وَلَدَها أنْجَبُ، ولهذا يقال: اغْتَرِبُوا لا تَضْوُوا. يعنى: انْكَحُوا الغَرائِبَ كى لا تَضْعُفَ أوْلادُكم. وقال بعضُهم: الغَرَائِبُ أنْجَبُ، وبناتُ العَمِّ أصْبَرُ. ولأنَّه لا تُؤْمَنُ (٢٩) العَدَاوةُ فى النِّكاحِ، وإفْضاؤُه إلى الطَّلَاقِ، فإذا كان فى قَرَابَتِه أفْضَى إلى قَطيعةِ الرَّحِمِ المأْمُور بصِلَتِها. واللَّهُ أعلمُ.
(٢٥) فى الأصل: "تطيب العشرة". (٢٦) فى الأصل: "تنظر إلى". وفى أ، ب: "تزوج". (٢٧) فى ب: "أمها وأختها". (٢٨) أخرجه ابن ماجه، فى: باب الأكفاء، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٣٣. (٢٩) فى الأصل زيادة: "من".