قالوا: لما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الاغتسال في الماء الدائم دل ذلك على أن الاغتسال يؤثر في الماء، ولو كان لا يؤثر لما نهى عنه، فالمراد من نهيه حتى لا يصير الماء مستعملاً (١).
وأجيب:
أولاً: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعلل بأن الماء يكون مستعملاً، ولم يذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - قط بأن الماء يكون مستعملاً، فهذا الكلام زيادة على حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كما أن الحديث نص في الماء الدائم، وهو يشمل ما فوق القلتين وما دون القلتين، وأنتم قلتم بأنه لا يكون مستعملاً إلا إذا كان دون القلتين. فهذه مخالفة ثانية للحديث.
[الدليل الثاني]
قولهم: إن الماء المستعمل ليس ماء مطلقاً، بل هو مقيد بكونه ماء مستعملاً، والذي يرفع الحدث هو الماء المطلق، كما في قوله تعالى:{فلم تجدوا ماء فتيمموا}(٢)(٣).
وأجيب:
بأن لفظ (ماء) في قوله تعالى {فلم تجدوا ماء} نكرة في سياق النفي، فتعم كل ماء، سواء كان مستعملاً أو غيره، وسواء كان متغيراً أم لم يتغير، ما
(١) المجموع (١/ ٢٠٦). (٢) المائدة: ٦. (٣) ذكره دليلاً لهم ابن حزم في المحلى (١/ ١٨٩) ورده عليهم.