هذا بيان لما أجمل في آية المائدة من قوله تعالى:{وامسحوا برؤوسكم} وإذا كان فعله - صلى الله عليه وسلم - بياناً لمجمل واجب، كان مسحه كله واجباً، فالله سبحانه وتعالى أمر بمسح الرأس، وفعله - صلى الله عليه وسلم - خرج امتثالاً للأمر، وتفسيراً للمجمل.
[الدليل الثاني]
احتج بعضهم لوجوب العموم في مسح الرأس بقوله تعالى:{وليطوفوا بالبيت العتيق}(١)، وقد أجمعوا أنه لا يجوز الطواف ببعضه، فكذلك مسح الرأس لقوله تعالى:{امسحوا برؤوسكم} لا يجوز مسح بعضه (٢).
[الدليل الثالث]
الباء في قوله سبحانه وتعالى:{فامسحوا برؤوسكم} كالباء في قوله تعالى: {فامسحوا بوجوهكم} في التيمم، فكما أنهم أجمعوا على أنه لا يجوز مسح بعض الوجه في التيمم، فكذلك لا يجوز مسح بعض الرأس في الوضوء، فالعامل واحد في الموضعين، وهو قوله تعالى:{وامسحوا}(٣).
[الدليل الرابع]
قال ابن عبد البر: الفرائض لا تؤدى إلا بيقين، واليقين ما أجمعوا عليه من مسح جميع الرأس، فقد أجمعوا أن من مسح برأسه كله فقد أحسن، وفعل أكمل ما يلزمه (٤).
(١) الحج: ٢٩. (٢) فتح البر بترتيب التمهيد (٣/ ٢٢٨). (٣) بتصرف يسير انظر المرجع السابق (٣/ ٢٢٧). (٤) المرجع السابق (٣/ ٢٢٨).