النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه توضأ، ثم طاف، ثم لم تكن عمرة. الحديث (١).
ولا يقال: إن الوضوء مجرد فعل من النبي - صلى الله عليه وسلم -، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، لأننا نقول:
(١٢٢٩ - ١٠٢) قد روى مسلم في صحيحه من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير،
أنه سمع جابراً يقول: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يرمى على راحلته يوم النحر ويقول: لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه (٢).
قال الشنقيطي: وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - لطوافه، قد دل دليلان على أن الوضوء لازم لابد منه:
أحدهما: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في حجة الوداع:«خذوا عني مناسككم»، وهذا الأمر للوجوب والتحتم، فلما توضأ للطواف لزمنا أن نأخذ عنه الوضوء للطواف امتثالاً لأمره، في قوله - صلى الله عليه وسلم - «خذوا عني مناسككم».
الثاني: أن فعله في الطواف من الوضوء له، ومن هيئته التي أتي به عليها كلها بيان وتفصيل لما أجمل في قوله تعالى:{وليطوفوا بالبيت العتيق} وقد تقرر في الأصول أن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان لبيان نص من كتاب الله، فهو على اللزوم والتحتم، ولذا أجمع العلماء على قطع يد السارق من الكوع؛ لأن قطع النبي - صلى الله عليه وسلم - للسارق من الكوع، بيان وتفصيل لما أجمل في قوله تعالى {فاقطعوا
(١) رواه البخاري (١٦١٤)، ومسلم (١٢٣٥) وفي مسلم قصة. (٢) صحيح مسلم (١٢٩٧).