قال العراقي بعد أن ساق هذا الحديث:"رواه أحمد في مسنده، وهذا يدل على وجوب ذلك، والجواب عنه من وجهين:
أحدهما: إن هذا لا يثبت؛ لأن في إسناده ابن لهيعة، والكلام فيه معروف، وإنما يثبت منه الأخذ من الشارب فقط، كما رواه الترمذي وصححه، والنسائي من حديث زيد بن أرقم (١)، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " من لم يأخذ من شاربه فليس منا".
والثاني: أن المراد على تقدير ثبوته ليس على سنتنا وطريقتنا، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن " (٢).
والصحيح أنه إذا ثبت في الشارب، ثبت في بقية خصال الفطرة، ولا فرق، وأن قوله: " من لم يأخذ من شاربه فليس منا " مثله كقوله - صلى الله عليه وسلم - لصاحب الصبرة من الطعام: " من غش فليس مني " فكما أن الغش حرام، فكذلك ترك الشارب وباقي سنن الفطرة.
(٥٠٧ - ٧١) والحديث رواه مسلم، قال: حدثني يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر جميعا، عن إسماعيل بن جعفر - قال ابن أيوب: حدثنا إسماعيل - قال: أخبرني العلاء، عن أبيه،
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على صبرة طعام، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام، كي يراه الناس من غش فليس مني (٣).
(١) سبق الكلام على تخريجه، والكلام على دلالته. (٢) طرح التثريب (٢/ ٨٢). (٣) صحيح مسلم (١٠٢).