وقوله:" فمرت ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده على وجه الفضل ": فيه سنة غض البصر خوف الفتنة، وأن [ذلك](١) فى حق النساء والرجال جميعاً بعضهم لبعض، ألا تراه كيف قال فى الفضل:" وكان أبيض وسيماً حسن الشعر " يخاف فتنة الظعن به، وفتنته بهن. ولهذا وضع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده على وجه الفضل ليمنع من الفتنتين، قال بعضهم: وهذا يدل على أن هذا ليس بواجب إذ لم ينهه.
قال القاضى: أبو عبد الله بن المرابط: الاستتار للنساء سنة حسنة، والحجاب على أزواج النبى - عليه السلام - فريضة.
قال القاضى وعندى أن فعله فى ذلك أبلغ فى النهى من القول، ولعل الفضل لم ينظر إليهن نظراً ينكره النبى - عليه السلام - وإنما خشى فتنة بعضهم لبعض أو كان هذا قبل نزول الآية بإدناء الجلابيب (٢) عليهن.
وقوله:" حتى أتى بطن محسّر فحرك قليلاً، ثم سلك الطريق الوسطى التى تخرج على الجمرة الكبرى ": وهذه سنة السير فى هذا الموضع أن تحرك فيه الدابة، وسلوك هذه الطريق اتباعاً لفعله - عليه السلام.
وقوله:" حتى أتى الجمرة التى عند الشجرة فرماها بسبع حصيات، ليكبر مع كل حصاة منها حصى الخذف ": كذا فى أكثر الأصول، وصوابه مثل:" حصى الخذف " وكذا رواه غير مسلم (٣)، وكان فى كتاب القاضى ابن عيسى:" كل حصاة منها مثل حصا الخذف " وهو صوابٌ، لا خلاف أن جمرة العقبة - وهى هذه - من مناسك الحج، واختلف عندنا هل هى من فروضه وأركانه (٤) أم لا (٥)؟ فقال مالك: إن لم يرمها حتى
(١) ساقطة من س. (٢) فى س: الحجاب. (٣) أبو داود، ك المناسك، ب التعجيل من جمع ٢/ ١٩٤. (٤) قال ابن الحاجب فى مختصره: والفرض والواجب مترادفان. انظر: شرح مختصر ابن الحاجب ١/ ٣٣٧. (٥) وقد نُقِلَ الإجماع على وجوب رمى الجمار الكاسانى فى بدائع الصنائع ١/ ١١٢١، الموسوعة الفقهية، مادة " حجَّ ".