وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين انصرف من الأحزاب:" لا يصلين أحد الظهر (١) إلا فى بنى قريظة "، فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون بنى قريظة، وقال آخرون: لا نصلى إلا حيث أمرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [وإن فاتنا الوقت. قال: فما عنَّف](٢) واحداً من الفريقين، قال الإمام: هذا فيه دلالة على أن الإثم موضوع فى مسائل الفروع، وأن كل مجتهدٍ غير ملوم فيما أدَّاه اجتهاده [إليه](٣) بخلاف مسائل الأصول، وكأن (٤) هؤلاء لما تعارضت عندهم الأدلة فالأمر بالصلاة لوقتها يوجب تعجيلها قبل وصول [بنى](٥) قريظة، والأمر بألا يصلى إلا فى [بنى](٦) قريظة يوجب التأخير وإن فات الوقت. فأى الظاهرين يقدم وأى العمومين يستعمل؟ هذا موضع الإشكال، وللنظر فيه مجال.
(١) قلت: هكذا فى جميع النسخ عند مسلم، أما فى البخارى فى جميع نسخه: " العصر "، قال ابن حجر: وقد اتفق أصحاب المغازى على أنها العصر، كموسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق وغيرهما، وكذا عند البيهقى فى الدلائل والطبرانى أنها العصر، قال ابن حجر: ووقع فى مستخرج أبى نعيم على صحيح مسلم وهو مخطوطة لم تظهر بعد - يسر الله من يطبعها قريباً - أنها العصر. قال ابن حجر: جمع بعض العلماء بين الصحيحين فقال: احتمال أن تكون طائفة راحت بعد طائفة، فقيل للأولى: الظهر، والتى بعدها: العصر. وقال: احتمال أن يكون بعضهم قبل الأمر كان صلى الظهر، وبعضهم لم يصله. فقيل لمن لم يصلها: " لا يصلين أحد الظهر " ولمن صلاها: " لا يصلين أحد العصر". قال ابن حجر: وكلاهما جمع لا بأس به، لكن يبعده اتحاد مخرج الحديث؛ لأنه عند الشيخين بإسناد واحد. انظر: الفتح بتصرف ٧/ ٤٧٢. (٢) سقط من الأصل، والمثبت من س والمطبوع. (٣) ساقطة من س. (٤) فى الأصل: فكان، والمثبت من ع. (٥) و (٦) ساقطتا من الأصل، والمثبت من ع.