وقوله:" اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، وهازم الأحزاب، اهزمهم، وانصرنا عليهم "، وفى الحديث الآخر:" زلزلهم " معناه: أزعجهم وحركهم بشدائد ذعرك. والزلزال والزلزلة: الشدائد التى تحرك الناس، قال الله عز وجل:{وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا}(١). فيه جواز الدعاء على المشركين والانتصار به على العدو، وقيل: الإشارة بقوله: " منزل الكتاب، سريع الحساب " فى هذا الموطن توصل منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما أنزل عليه من كتابه العزيز فخالفه عدوه. وسرعة الحساب إشارة إلى شدة الأخذ والبطش، كما قال:" هازم الأحزاب ".
وقوله فى هذا الحديث (٢): عن أبى النضر، عن كتاب رجل من أصحاب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال الدارقطنى: الحديث صحيح، واتفاق البخارى ومسلم على إخراجه حجة فى جواز الإجازة والمكاتبة (٣).
قال القاضى: والى صحة الحديث والعمل بذلك ذهب كافة المحدثين والفقهاء والأصوليين. وقالت فرقة: لا تجوز الرواية به وهو خطأ. وقد كتب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ملوك الأمم فكان حجة عليهم، وكتب لعماله وأمرائه فلزمهم العمل به، ولأن الثقة بالكتاب
(١) الأحزاب: ١١. (٢) يقصد حديث رقم (٢٠) بالباب السابق. (٣) الإلزامات والتتبع ص ٣٠٤، ٣٠٥ (١٥٢).