وقوله:" من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال [كان](١) كصيام الدهر ": قال الإمام: قَال بعض أهل العلم: معنى ذلك: أن الحسنة لما كانت بعشر أمثالها، كان مبلغ ماله من الحسنات فى صوم الشهر والستة أيام ثلاثمائة وستين حسنةً [عدد أيام السنة، فكأنه صام سنة كاملة، يكتب له فى كل يوم منها حسنة](٢).
قال القاضى: ما حكاه عن بعض أهل العلم نص فى الحديث نفسه من رواية ثوبان، قال - عليه السلام -: " صيام شهر رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة بشهرين، فذلك صيام سنة ". وفى رواية أخرى:" الحسنة بعشر، فشهر بعشرة، وستةٌ بعد الفطر تمام السنة " خرجه النسائى (٣).
قال الإمام: أخذ بهذا الحديث جماعة من العلماء، وروى عن مالك وغيره كراهة ذلك لما ذكره فى موطئه: أنه لم ير أحداً من أهل الفقه والعلم يصومها، ولم يبلغنى ذلك عن أحد من السلف، وأهل العلم يكرهون [ذلك](٤)، ويخافون بدعته، وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء (٥). قال شيوخنا: ولعل مالكاً إنما كره صومه على هذا، وأن يعتقد من يصومه أنه فرضٌ، وأما من صامه على الوجه الذى أراد النبى - عليه السلام - فجائز، وقال بعضهم: لعل الحديث لم يبلغه أم لم يثبت عنده (٦)، أو لما
(١) من س. (٢) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش، وهذا الكلام كلام الإمام الخطابى. انظر: معالم السنن ٣/ ٣٠٨. (٣) الروايتان عن ثوبان أخرجهما النسائى فى السنن الكبرى، ك الصيام، ب صيام ستة أيام من شوال ٢/ ١٦٣. (٤) من س. (٥) الموطأ، كتاب الصيام، ب جامع الصيام ١/ ٣١١. (٦) انظر: الاستذكار ١٠/ ٢٥٩. وأما قول من قال بأن الحديث لم يبلغ مالكاً - أبو عمر فى الاستذكار ١٠/ ١٥٩ - فقوله فيه نظر؛ لأن الحديث رواه الستة، وكان هذا مما لا يخفى على مالك - عالم المدينة - إذ أنه كما قال الباجى من رواية سعد بن سعيد، قال: هذا مما لا يحتمل الانفراد بمثل هذا، ثم قال: لما وجد مالك علماء المدينة منكرين العمل بهذا احتاط بتركه، ثم قال: قال مطرف: وأما من رغب فى ذلك لما جاء فيه فلم ينهه والله أعلم. انظر: المنتقى ٢/ ٧٦.