وقوله:" إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم " وقول الراوى عن مسلم - وهو أبو إسحاق بن سفيان -: لا أدرى أهلكهم، بالنصب أو بالرفع، قال الإمام: يحمل هذا [عند العلماء](١) أن القائل قال ذلك ازدراء بالناس، واحتقارًا لهم، وإعجابًا بنفسه.
فأما قوله على جهة [التفجع والإشفاق، وذهاب الصالحين](٢)، وتفضيل من مضى من الصالحين، وتفضيل من مضى من الأولين - فإنه خارج عن هذا والقصد (٣) بغير أحكام اللفظ وتصرفه، فالأول عنوانه الكبر والاستهزاء بالناس، [وهو مذموم](٤)، والثانى: عنوان الإشفاق والتقصير بالنفس وتعظيم السلف، وذلك لا يكون مذمومًا.
قال القاضى: وقيل هذا فى الغالين والمبتدعين، الذين يقولون: هلك الناس، أى استوجبوا الخلود فى النار بمعاصيهم، والذىن يؤيسون الناس من رحمه الله.
وقيل:" أهلكهم ": أى أنساهم الله، وقيل: أفشلهم وأرداهم. ومن رواه بالنصب فمعناه: هو الذى قال فيه ذلك، واعتقده فيه من الضلال واستحقاق النار، لا الله تعالى.
(١) فى المعلم: عند بعض العلماء. (٢) فى المعلم: الإشفاق والتفجع ولذهاب الصالحين. (٣) فى المعلم: والفصل. (٤) سقط من المعلم.