وقوله:" أقيمت الصلاةُ ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يناجى رَجُلاً فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابُه [ثم جاء فصلى بهم (١)] "، قال الإمام: يحتمل أن تكون مناجاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتأخيره المبادرة للصلاة بعد الإقامة إنما كانت لأن (٢) الذى ناجاه فيه أمرٌ مهمٌ [من أمر الدين](٣)، كان تقديمُ النظر فيه أولى من المبادرة إلى العبادة.
قال القاضى: وفى الرواية الأخرى: " وهو نجىٌّ لرجلٍ ": أى مسارِرٌ له، وهو لفظٌ يُستعملُ للواحد والاثنين والجميع، قال الله تعالى:{خَلَصُوا نَجِيًّا}(٤) فى الجميع، وقال:{وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}(٥) فى الواحد.
وفيه مناجاة الاثنين بحضرة الجماعة (٦)، وجواز الكلام بعد إقامة الصلاة لا سيما فى الأمور المهمة، وأما فى غيرها فيكره، وتقديم الأمور المهمَّة التى يخشى فواتها أو شغل السِرِّ بها [عن](٧) الصلاة.
وقوله هنا:" حتى نام الصحابةُ ثم صلى بهم " وفى الحديث الآخر: " كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينامون ثم يُصلون ولا يتوضؤون ": فيه دليل أن النوم ليس
(١) من المعلم. (٢) فى المعلم: لأجل أن. (٣) من المعلم. (٤) يوسف: ٨٠. (٥) مريم: ٥٢. (٦) ما دام أمن سلامة قلوب الآخرين. (٧) فى الأصل: على، والمثبت من ت.