قوله:" يستجاب للعبد ما لم يعجل، فيقول: دعوت فلم يستجب لى " فسره فى الحديث الآخر: " يقول: قد دعوت ودعوت فلم أر يستجاب لى، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء "، قال الإمام: يقال: حسر (١) واستحسر: إذا أعيا. قال الله تعالى:{لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ}(٢) أى لا ينقطعون عن العبادة.
قال القاضى: أولى التفسير لقوله: " فيحسر " هنا أى: يقطع الدعاء، لا بمعنى أنه عيى عنه. وقال الباجى: يحتمل قوله: " يستجاب " الإخبار عن وقوع الإجابة، والثانى: الإخبار عن جواز وقوعها.
فإذا كان بمعنى الوجوب فالإجابة تكون بأخذ ثلاثة أشياء: إما تعجيل ما سأل فيه، وإما أن يكفر عنه به، وإما أن يدخر على ما جاء فى الحديث (٣)، فإذا قال: قد دعوت فلم يستجب لى، بطل وجوب أحد هذه الثلاثة، إذ عُرَى الدعاء من جميعها.
وإذا كان بمعنى الجواز لوقوع الإجابة فيمنع ذلك قول الداعى: قد دعوت فلم
(١) فى ز: حينئذ. (٢) الأنبياء: ١٩. (٣) انظر. المستدرك ١/ ٤٩٣ بلفظ " ما من مسلم يدعو الله بدعوة ... " عن أبى سعيد.