وقوله:" نهى أن يجصص القبر وأن يُبنى عليه "، وفى الآخر عن " تقصيص القبور "، وهو بمعنى الجصِّ بفتح الجيم وكسرها القصَّة.
قال الإمام: قال أبو عبيد: هو التجصيص، وذلك أن الجَصَّ يقال له: القصة والجصاص والقصاص واحد، فإذا خلط الجصُّ بالرماد والنورة فهو الجيار، وقال ذلك ابن الأعرابى. وقال الهروى:[وفى](١) حديث عائشة: "ولا تَغْتَسِلْن من المحيض حَتَّى تَرَيْنَ القصة البيضاء "(٢)[قال](٣): معناها (٤) أن تخرج القطنة أو الخرقة التى تحتشى بها، كأنها قصة لا يخالطها شىء.
قال القاضى: ذكر الهروى هذا وذكر أنه قيل: إن القصَّة شىء كالخيط الأبيض يخرج بعد انقطاع الدم، وقال الحربى: وقيل: القصة: القطعة من القطن؛ لأنها بيضاء، قال: ويدل عليه قول من رواه: " حتى ترين القصة بيضاء ".
قال الإمام: مذهب مالك كراهية البناء والجص على القبور، وأجازه المخالف، وهذا الحديث حجة عليه، وكذلك قوله - عليه السلام - فى حديث آخر:" ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته " كان المفهومُ من الشريعة أنه إنما كره للمباهاة، وهؤلاء ليسوا أهل مباهاة.
وقوله:" وأن يقعد عليها، وفى الحديث الآخر: " ولا تجلسوا على القبور " (٥) وفى الحديث الآخر: " لأن يجلس أحدكم على جَمْرَة فتحرق ثيابَه فَيَخْلُصَ إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر " (٦)، قال الإمام: من الناس مَنْ أخذه على ظاهره، ومنهم مَنْ
(١) من ع. (٢) جزء من حديث أخرجه البخارى؛ ك الحيض، ب إقبال المحيض وإدباره بلفظ: " لا تعجلن ... " ١/ ٨٧، وكذا مالك فى الموطأ، ك الطهارة، ب طهر الحائض ١/ ٥٩. (٣) من ع. (٤) فى ع: معناه. (٥) حديث رقم (٩٧) بالباب التالى. (٦) حديث رقم (٩٦) بالباب التالى.