وقوله:" مر - عليه السلام - بصبيان فسلم عليهم "، وفى الرواية الأخرى:" غلمان " وهما بمعنى، يقال للمولود: غلام، من حين يولد إلى بلوغه. وتقول العرب - للرجل المستجمع قوة: غلام.
فيه تواضعه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحسن عشرته مع الصغير والكبير وتدريب الجميع على السنن والآداب [ورياضة](١) لهم بخلق الشريعة، وفيه سنة السلام على الصبيان الذين يعقلون ذلك ويفهمونه اقتداءً به - عليه السلام - وأنه (٢) من جملة المسلمين، ومن تشملهم أحكامه.
وأما التسليم على النساء، اختلف العلماء فى ذلك، فجمهورهم - مالك وغيره - على جواز ذلك على المتجالاَّت ابتداء، وكراهيته على الشابة؛ مخافة الفتنة من خلطتها ومكالمتها وردها وسماع صوتها، وحجتهم: عموم الأمر بإفشاء السلام فى الأحاديث، وحديث سلامهم على العجوز بعد صلاة الجمعة التى كانت تطبخ لهم أصول السلق بالشجر وتطعمهم (٣).
وقال الكوفيون: لا يسلم الرجال على النساء إذا لم يكن منهم ذوات محارم، وقالوا: كما سقط عنها الأذان والإقامة والجهر بالقراءة فى الصلاة، سقط عنها رد السلام، ولا نسلم عليهن. وقال ابن وهب: بلغنى عن ربيعة أنه لا يسلم الرجل على النساء ولا النساء على الرجال.
(١) فى ح: ورياضته. (٢) فى ح: أنهم. (٣) الحديث أخرجه البخارى بإسناده من حديث أبى حازم عن سهل قال: كنا نفرح يوم الجمعة. قلت ولم؟ قال: كانت لنا عجوز ترسل إلى بضاعة - نخل بالمدينة - فتأخذ من أصول السلق فتطرحه فى قدر وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا ونسلم عليها، فتقدمه إلينا ونفرح من أجله، وما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة ٨/ ٦٨.