وقولها فى الحديث الآخر:" سُجِّىَ رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [حين مات](١) بثوب حِبَرةٍ " تفسير اليُمنة المتقدمةَ، وتفسير معنى قولها قبل:" أدرج فيها ثم نزعت عنه " على ظاهر ما قال فى الحديث.
وفى هذا تسجيةُ الميِّتِ فى الثياب، وتغطية وجهه، على ما مضى به العمل، لتغيَّر صفته بالموت، عما كانت عليه. قال: واستدل بعضهم من قولها: " ليس فيها قميص " أن القميص الذى غُسِّل فيه - عليه السلام - ونهوا عن نزعه حينئذٍ نزع عنه حين كُفِّن، وسُتر بالأكفان؛ ولأنها [كانت مبتلة](٢)، ولا يتفق كفنه فيه [وهى مبلولة](٣). وهذا إنما يتجه على تأويل من تأول:" ليس فيها قميص ": أى ليس فى الأكفان جُملةً، لا فى الثلاثة خاصة، وقد ذكر أبو داود عن ابن عباس:" كفن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى ثلاثة أثواب، الحلة ثوبان، وقميصه الذى مات فيه "(٤)، وروى عنه " فى سبعةٍ "، قيل: الثلاثة التى أدرج فيها، والعمامة والقميص، والسراويل، والقطيفة التى فرشت فى قبره - عليه السلام - فعدوها سابعة، وقد روى أنهم لما فرغوا من غسلهِ نزعوا القميص حين أدرج فى أكفانه، فأخذها عبد الله بن أبى بكر ليُكَفَّن فيها، ثم تركها، وقال:" لم يرضها الله لنبيه ".
وأما ما ذكره من خبر قميص ابن أُبىِّ، فالأصح فى ذلك أن ابنه [عبد الله](٥) طلب ذلك منه ليتبرَّك به، فأجابه النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ذلك، وكان ابنه من جلة الصحابة والفضلاء،
(١) من المطبوعة. (٢) فى الأصل: كان مبتلاً، والمثبت من س. (٣) فى الأصل: وهو مبلول، والمثبت من س. (٤) سنن أبى داود، ك الجنائز، ب فى الكفن ٢/ ١٧٧ سبق، أخرجه أحمد والبزار من حديث على بن أبى طالب ثم قال البزار بعده: ولا نعلم أحدًا تابَع ابن عقيل على رواية هذه، تفرد به حمادٌ عنه. كشف الأستار ١/ ٤٠١، أحمد فى المسند ١/ ٩٤، وقال الهيثمى: إسناده حسن. مجمع ٣/ ٢٣. (٥) سقط من س.