وقوله:" إذا كَفَّر الرجلُ أخاه فقد باء بها أحدهما " وفى الحديث الآخر: " إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه "(١)، قال الإمام: يحتمل أن يكون قال ذلك فى المسلم مستحلاً فيكفر باستحلاله، وإذا احتمل ذلك لم يكن فيه حجة لمن كَفَّر بالذنوب، ويحتمل [أيضاً](٢) أن يكون مراده بقوله: " باء بها ": أى بمعصية الكذب فى حق القائل إن كذب.
قال الهروى: أصل البَوْء (٣) اللزوم، وقال فى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى دعائه:" أبوء بنعمتك علىَّ ": أي أُقِرُّ بها وألزمه (٤) نفسى.
قال ابن أبى زمنين (٥): أصل باء فى اللغة: رجَع، ولا يقال: باء إلا بشرٍ، ذكره
(١) الذى جاء فى نسخة الإمام: " أيما امرئ قال لأخيه: كافِر فقد باء بها أحدهما ". الحديث ١/ ١١/ أ. (٢) من المعلم. (٣) الذى فى المعلم: البواء. (٤) فى نسخ الإكمال: وألزمها، والمثبت من المعلم، وهو الأصح، إذ الضمير فى الأولى يعود على النعمة، أما الثانية فعوده على البواء، وهو الأنسب للتفسير. (٥) فى ت: رمنين - بالراء - وضبطها الذهبى بفتح الميم ثم كسر النون بعد الزاى - وهو الإمام القدوة الزاهد أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسى، المرى، الأندلسى الإلبيرى، شيخ قرطبة - تفنن واستبحر من العلم، روى عنه أبو عمرو الدانى وجماعة. قال الذهبى: كان من حملة السنة. توفى سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. سير ١٧/ ١٨٨، معجم المؤلفين ١٠/ ٢٢٩. وتكفير الرجل أخاه يقع بنسبته إلى الكفر بصيغة الخبر نحو: أنت كافر، أو بصيغة النداء نحو: يا كافر، أو باعتقاد ذلك فيه، كاعتقاد الخوارج تكفير المؤمنين بالذنوب. ذكره الأبى، وقال: وليس من ذلك تكفيرنا أهل الأهواء ١/ ١٦٩.