قال القاضى - رحمه الله -: قول جابر: " مرضت فأتانى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر - رضى الله عنه - يعودانى ": ما استن فيه سنة العيادة واحتساب الخطا بالمشى وإن بعد المنزل لفضل الثواب والأخذ بما ورد أن عائد المريض فى مخارف الجنة.
وقوله:" فوجدنى قد أغمى علىّ، فتوضأ - عليه السلام - ثم صبّ علىّ من وضوئه فأفقت ": فيه بركته - عليه السلام - وكرامته فيما لمسه أو باشره أو دعى فيه، وفيه عيادة المغمى عليه وقد فقد عقله إذا كان معه مَنْ يراعى أمره؛ لئلا يوافق منكشفاً أو بحالة يكره كشفها. وقد قيل: أما الرجل الصالح المحتسب لأجره ومَنْ ترجى بركة دعوته فله ذلك، وإلا فيكره لغيره إلّا أن يكون للمريض مَنْ يرعى حاله كما تقدم.
وقوله:" فقلت: يا رسول الله، كيف أصنع فى مالى؟ فلم يرد علىّ شيئاً حتى نزلت آية الميراث:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} "، وفى الأخرى:" إنما يرثنى كلالة "، وفى الحديث الآخر:" فنزلت آية الفرائض "، وفى الحديث الآخر:" فنزلت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ}(٢) "، وفى الأخرى:" آية المواريث ": فيه جواز الوصية للمريض وإن بلغ هذا الحد وفارقه فى بعض الأحيان عقله، إذا كان فى وقت وصيته يعقل؛ لأن الله تعالى أنزل فى هذه الآية:{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ}(٣)، وفيه انتظاره - عليه السلام - الوحى فيما ينزل به من النوازل، وفيه دلالة على أنه لا يعدل إلى الاجتهاد