وقوله:" المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة "، قال الإمام: اختلف فى تأويل هذا، فقيَل: معناه: أكثر الناس تشوفاً إلى رحمة الله؛ لأن المتشوف يطيل عُنقَه لما يتشوف إليه، فكنى عن كثرة ما يرونه من ثوابهم بطول أعناقهم، وقال النضر بن شميل: إذا ألجمَ الناس العرقُ يوم القيامة طالت أعناقهم لئلا يغشاهم ذلك الكرب، قال يونس بن عبيد: معناه: الدنو من الله، وهذا قريب من الأول الذى ذكرناه، وقيل: معناه: أنهم رؤساء، العرب تصف السادة بطول الأعناق، قال الشاعر:
طوال أنضية الأعناق واللَّمَم
وقيل: معناه: أكثر [الناس](١) أتباعًا، وقال ابن الأعرابى: معناه: أكثر الناس أعمالاً، وفى الحديث:" يخرج عُنقٌ من النار ": [أى طائفةً](٢)، يقال: لفلانٍ عُنق من [الخير](٣)، أى قطعةً. ورواه بعضهم:" إعناقًا ": أى إسراعًا إلى الجنة من سير العَنَق، قال الشاعر:
ومن سيرها العنَقُ المُسْبَطِر ... والعجَز فيه بَعد الكلال
ضربٌ من السير، ومنه الحديث:" كان يسيرُ العنَقَ فإذا وجد فجوَةً نَصَّ "(٤)، ومنه الحديث [الآخر](٥): " لا يَزالُ الرجلُ مُعنِقًا ما لم يُصبْ دمًا "(٦): يعنى منبسطًا فى سيره يوم القيامة.
قال الإمام: قد احتج بهذا الحديث من رأى [أن](٧) فضيلة الأذان أكبر (٨) من
(١) من المعلم. (٢) فى الأصل: عنق: أى طائفة، والمثبت من ت. والمذكور جزء حديث أخرجه الترمذى فى أول كتاب صفة جهنم عن أبى هريرة بلفظ: " تخرُج عُنُقٌ من النار يوم القيامة لها عينان تبصُران، وأذنان تسمعان، ولسان ينطق، يقولُ: إنى وُكِّلتُ بثلاثةٍ، بكل جبَّارِ عنيد، وبكل من دعا مع الله إلهاً آخر، وبالمصورين " ٤/ ٧٠١، وكذا أحمد فى المسند ٢/ ٣٣٦، ٣/ ٤٠، ٦/ ١١٠. (٣) فى المعلم. الخيل. (٤) سيرد إن شاء الله فى الحج، وأخرجه البخارى، فى الحج والجهاد. (٥) من ت، وليست فى المعلم. (٦) أبو داود، ك الفتن، ب فى تعظيم قتل المؤمن (٤٢٧٠). (٧) من المعلم. (٨) فى المعلم: أكثر.