قوله لعائشة - رضى الله عنها -: " أرأيتك فى المنام ثلاث ليال - وعند البخارى: مرتين (١) - جاءنى بك الملك فى سرقة من حرير، [فقلت](٢): إن يك هذا من عند الله يمضه "، قال القاضى: يحتمل قوله: " إن يك هذا من عند الله " أى رؤيا حق وقبل النبوة. وقبل: تخليصه أحلامه من الأضغاث، وإن كانت بعد النبوة فلها ثلاث معان:
إحداها: أن يكون مراده أن تكون الرؤيا على وجهها. وقول الملك: هذه امرأتك غير معبرة، فسيمضيه الله وينفذه، ويكون شكه فى هذا هل هى رؤيا تعبر أو هى على وجهها لا تحتاج إلى عبارة، كما كانت.
الثانى: أن يكون هذا فى الدنيا، ويكون شكه من هذا، وأنها من نسائه فى
الآخرة، والثالث: لم يشك، ولكنه أخبر على التحقيق، وجاء بصورة الشك. كما قال: أأنت أم أم سالم، وهو نوع من البديع عند أهل البلاغة، يسميه أهلها: تجاهل العارف، وسماه بعضهم: مزج الشك باليقين، وعليه حمل بعضهم قوله تعالى:{فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِك}(٣)، وقوله:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ}(٤)، وقوله:{وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةً لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين}(٥).
(١) البخارى، ك النكاح، ب النظر إلى المرأة قبل التزويج ٧/ ١٩. بدون ذكر لفظة: " مرتين " (٢) من ح. (٣) يونس: ٩٤. (٤) سبأ: ٢٤. (٥) الأنبياء: ١١١.