وقوله:" لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له ": أى قدروا تمام الشهر بالعدد ثلاثين يوماً، يقال: قدرت الشىء أقدره، وأقدره وقدَّرته وأقدرته بمعنى، وقال ابن قتيبة: معناه: أى قدّروه بالمنازل، وحكاه الداودى. قال الإمام: ذهب بعض [أهل العلم](١) إلى أن الهلال إذا التبس يُحْسَب له بحساب المنجمين، وزعم أن هذا الحديث يدل على ذلك، واحتج أيضاً بقوله تعالى:{وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون}(٢)، وحمل جمهور الفقهاء ما فى الحديث على أن المراد به إكمال العدة ثلاثين، كما فسره فى حديث (٣) آخر، وكذلك تأولوا قوله سبحانه:{وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون} على أن المراد به الاهتداء فى الطريق فى البر والبحر، وقالوا أيضاً: لو كان التكليف يتوقف على حساب التنجيم لضاق الأمر فيه، [إذ](٤) لا يعرف ذلك إلا قليل من الناس، والشرع مبنىٌ على ما يعلمه الجماهير، وأيضاً فإن الأقاليم على رأيهم مختلفة، ويصح أن يرى فى إقليم [دون إقليم](٥)[فيؤدون إقليم](٦) فيؤدى ذلك إلى اختلاف الصوم عند أهلها، مع كون الصائمين منهم لا يقولون غالباً على طريق مقطوع [به](٧)، ولا يلزم قوماً ما ثبت عند قوم، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" الشهر تسع وعشرون [يوماً](٨) " ثم قال: " فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين " معناه: أن الشهر مقطوع بأن لابد أن يكون تسعاً وعشرين، فإن ظهر الهلال وإلا فيطلب (٩) أعلى العدد الذى هو ثلاثون، وهو نهاية عدده.
(١) فى نسخ الإكمال: العلماء. (٢) النحل: ١٦. (٣) فى س: الحديث. (٤) ساقطة من الأصل، وما أثبت من س، ومكانها فى الأصل: و. (٥) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش. (٦) من الأصل، وأظن أن لا معنى لها. (٧) و (٨) سقطتا من س. (٩) فى الأصل: فيطلبه، وما أثبت من س.