وقوله:" نهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الإقران، إلا أن يستأذن الرجل أخاه ": وفى النهى عن القران فائدتان، ولمنعه علتان:
أحدهما: الشَّرَة والجشع، وبهذا عللته عائشة بقولها لإنهاء سؤاله، وجابر يقول: لا بأس به إلا أنها طعمة قبيحة.
والثانية: إيثار الإنسان نفسه بأكثر من حقه مع مؤاكله أو شريكه، أو رفيقه، وحكمهم فى ذلك كله التساوى، ولذلك قال:" إلا أن يأذن "، وكما روى عن أبى هريرة:" بعث إلينا النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتمر فكنا نقرن من الجوع، فكان أحدنا إذا قرن قال: قد قرنت فأقرنوا "(١)، وقد روى مثل هذا الكلام عن النبى - عليه السلام - وحمل أهل الظاهر هذا النهى على الوجوب، وقال غيره من علمائنا: وهذا فيما اشتركوا فيه أو هرقوه، وأما ما كان على طريق النقلة وغير التقوت والمجاعة فليس القران فى ذلك بممنوع، إلا على سبيل الأدب (٢) والمروءة.
قال الإمام: يحتمل إذا علم من أصحابه أن ذلك مما يرضوه ويخف عليهم ألا يمنع منه، وقد قال:" إلا أن يستأذن أخاه "، ولا فرق بين أن ينطق بإذن أو يفهم عنه، ويقال: قرنت بين التمرتين: أكلتهما عبرة، وقرنت بين الحج والعمرة: جمعتهما، والشىء
(١) ابن حبان فى صحيحه رقم (١٣٥٠) والحافظ لابن حجر فى الفتح ٩/ ٤٩٤ فى الأطعمة وعزاه لابن حبان، وفى تاريخ دمشق ١٩/ ١١١/ ١. (٢) فى الأصل: الإذن، والمثبت من ح.