وقوله:" أنتم الغُرُّ المحجَّلوُن يوم القيامة "، وقوله:" تردون علىَّ غُراً محجلين من أثر الوضوء "، قال الإمام: قد استوفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى قوله: " غُراً محجلين " جميع أعضاء الوضوء؛ لأن الغُرَّة بياضٌ فى جبهة الفرس، والتحجيل بياض فى يديه ورجليه، فاستعار للنور الذى يكون بأعضاء الوضوء يوم القيامةِ اسم الغُرَّةِ، والتحجيل على جهة التشبيه. قال الهروى: روى عن أبى عمرو بن العلاء فى تفسير غُرَّة الجنين أنه لا يكون إِلَّا الأبيض من الرقيق (١)، قال: وأما الأيامُ الغُرّ التى روى عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صومُها فهى البيض.
قال القاضى: وقوله: " ليست لأحدٍ غيركم " قال غير واحدٍ من أهل العلم: إن الغُرَّة والتحجيل مما اختصت به هذه الأمة، وهذا الحديث يدل على ذلك، ولقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ بها يعرفُ أمَّته من غيرها ".
وقوله:" لو كانت لرجُلٍ خيلٌ غرٌّ محجَّلةٌ فى خيل دُهْمٍ بهْمٍ، إِلَّا يعرف خيلَهُ؟ " قال: الأصيلى وغيره: هذا الحديث يدلُّ أن الوضوء مما اختصت به هذه الأمة (٢)،
(١) غريب الحديث ١/ ١٧٦، وقد ذكر أن الغرة عبد أو أمة، وأما قصره على الأبيض من الرقيق ففى الفائق ٣/ ٣٥٣ مروياً عن أبى عمرو بن العلاء. (٢) ويؤكده حديث أبى هريرة الآتى برقم (٣٦) بالباب " لكم سيما ليست لأحد من الأمم ".