قال الإمام: قوله: " ينزل ربنا كل ليلة ": قيل: معناه: ينزل ملك ربنا، على تقدير حذف مضاف، كما يقال: فعل السلطان كذا، وإن كان الفعل وقع من أتباعه، ويضاف الفعل إليه لما كان عن أمره ويحتمل أن يكون عبَّر بالنزول عن تقريب البارى تعالى للداعين حينئذ واستجابته لهم، وخاطبهم - عليه السلام - بما جرت به عادتهم ليفهموا عنه وكان المتقرب منا إذا كان فى بساط واحد مع من يريد الدنو منه [يخبر عنه](١) بأن يقال: جاء وأتى، وإذا كان فى علو قيل: نزل وتجلى، وقد ورد فى الكتاب والسنة جاء وأتى ونزل وتجلى.
قال القاضى: على هذين الطريقين اختلف تأويل السلف فى الحديث، بل قد جاءت مفسرة فيه، فجاء فى حديث الأغرّ أبى مسلم الذى ذكره مسلم عنه عن أبى سعيد وأبى هريرة قالا: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله يمهل، حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول ينزل (٢) إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من مستغفر ... " الحديث رواه الأعمش عن السبيعى عن أبى مسلم بمعناه، وذكر مكان " ينزل ": " ثم يأمر منادياً ينادى يقول: هل من داع " الحديث.
(١) فى ع: عبَّر عن ذلك. (٢) الذى فى المطبوعة: " نزل ".