قال الإمام: وذكر مسلم الحديث: " أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى على المنبر وترك القهقرى حتى سجد فى أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر الصلاة (٣) " قال: وأهل العلم ينهون أن يصلى الإمام على أرفع مما عليه أصحابه (٤)، وفعله هذا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحتمل أن يكون؛ لأن الارتفاع كان يسيراً، ويصلح أن يقال: إنما منع هذا فى أئمتنا؛ لأنه ضرب من الكبر والتراؤس، وهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معصوم من هذا والأشبه ما علل به - عليه السلام - فى الحديث، من أنه إنما فعله ليعلمهم الصلاة، ونزوله - عليه السلام - القهقرى لئلا يستدبر القبلة فى الصلاة من غير ضرورة، وأما نزوله وصعوده - وإن كان عملاً فى الصلاة - فإنه لمصلحة [الصلاة](٥) فلم يكن له تأثير، وقد أجاز أهل العلم المشى لغسيل دم الرعاف وإن كان فى الصلاة.
قال القاضى: قال أحمد بن حنبل: لا بأس أن يكون الإمام أعلا مما عليه أصحابه لهذا الحديث، ومالك يمنعه، [وما تقدم من هذا وما يجوز منه وما يمنع. وفى هذا الحديث
(١) المنبر مشتق من النبر، وهو الارتفاع. (٢) طرفاء الغابة: الطرفاء شجر، وهى أربعة أصناف: منها الأثل، الواحدة طرفاءة، والغابة: غيضة ذات شجر كثير من عوالى المدينة. (٣) الذى فى المطبوعة: صلاته. (٤) دفعاً للغرور. (٥) من ت.