وقوله:" نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر، [فانحروا فى رحالكم ": توسعةً، وقد قال فى الحديث الآخر:" حتى أتى المنحر "، وقال فى الآخر (١): " هذا المنحر، ومنى كلها منحر] (٢) "، وقد تقدم الكلام عليه.
وقوله:" وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا، وجمْعٌ كلها موقف ": تعريف بتوسعة الأمر على أمته، وبيان لهم. وجَمْعٌ، بفتح الجيم، مُزدلفة سميت بذلك لاجتماع الناس بها، وقيل: لجمع العشاءين بها، وهو المشعر الحرام. واستحب العلماء الوقوف بموضع وقوف النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن قدر عليه، وجاء فى رواية مالك:" عرفة كلها موقف، وارتفعوا عن بطن عُرَنة "(٣). اتفق العلماء [على](٤) أنه لا موقف فيه، واختلفوا إذا فعل. وبطن عرنة: وادى عرفة، كذا ذكره بضم العين والراء، وذكره ابن دريد بفتح الراء، قالوا: وهو الصواب (٥)، وهو بطن وادى عرفة. قال ابن حبيب: وفيه مسجد عرفة، وهو من الحرم. واختلف فيمن وقف فى المسجد، فعند مالك يجزئ، وقال أصبغ: لا يجزئ، ورواه من بطن عرنة، وكذلك قال أبو مصعب فيمن وقف ببطن عرنة: إنه كمن لم يقف لنهى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوقوف به، وحكى عن الشافعى، وقال مالك: حجه تام وعليه دم، حكاه عنهما ابن المنذر، وحجته [قوله](٦): " وعرفة كلها موقف "(٧).
وقوله:" وجَمْعٌ كلها موقف "، وفى رواية مالك:" وارتفعوا عن بطن محسّرٍ "(٨): اتفق العلماء أيضاً على الأخذ بهذا، وترك الوقوف بمزدلفة ببطن محسّر، واستحبوا الوقوف
(١) أحمد ١/ ٧٦. (٢) سقط من س. (٣) الموطأ، ك الحج، ب الوقوف بعرفة والمزدلفة ١/ ٣٨٨. وعرنة: هى واد بحذاء عرفات. انظر: اللسان، مادة " عرن ". (٤) من س. (٥) انظر: اللسان، مادة " عرن ". (٦) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش بسهم، ولم تثبت فى س. (٧) انظر: المغنى ٥/ ٢٦٦، ٢٦٧. والمرجع عندنا، ما قاله النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عرفة كلها موقف ". (٨) انظر: الموطأ ١/ ٣٨٨، الطبرانى فى الكبير ١١/ ٤٧، ١١٩، ١٧٦.