وقول الخثعمية: إن فريضة الله على عباده فى الحج أدركت أبى شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفاحج عنه؟ قال:" نعم ". قال الإمام: يرى المخالف أن من عجز عن الحج وله مال، فعليه أن يستنيب من يحج عنه، ويحتج بهذا [الحديث](١)، وبقوله فى حديث آخر:" أرأيت لو كان على أبيك دين "(٢) الحديث. وعندنا أنه لا يعلم (٣) الاستنابة، ولنا قوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً}(٤)، وهذا ظاهره استطاعة البدن، ولو كان المال لقال: إحجاج البيت، وكأن الحج فرع بين أصلين: أحدهما: عمل بدن مجرد؛ كالصلاة والصوم فلا يستناب فى ذلك، والثانى: المال؛ كالصدقة وشبهه (٥)، فهذا يستناب فيه. والحج عمل بدن ونفقة مال، فمن غلب حكم البدن رده إلى الصلاة والصوم، ومن غلب حكم المال ردَّه إلى الصدقات والكفارات.
قال القاضى: لا حجة للمخالف بظاهر هذا الحديث؛ إذ ليس قولها:" إن فريضة الله على عباده فى الحج أدركت أبى شيخاً كبيراً " مما يوجب دخوله فى هذا الفرض، بل أخبرت أن إلزام الله عباده الحج الذى وقع بشرط من استطاع إليه سبيلاً، كان وأبوها بصفة من لا يستطيع، وهذه الزيادة هنا بقوله:" على عباده " تقضى على الأحاديث التى فيها: " أدركته " ولم يذكر فيها هذه الزيادة، ثم استأذنته فى: هل لها أن تحج عنه؟ وهل يباح
(١) ساقطة من ع. (٢) النسائى فى الكبرى، ك الحج، ب تشبيه قضاء الحج بقضاء الدين ٢/ ٣٢٤، أحمد ٤/ ٥. (٣) فى ع: يلزمه. (٤) آل عمران: ٩٧. (٥) فى ع: وشبه ذلك.