والفقهاء ومالك وغيره، وذهب آخرون إلى جواز ذلك ابتداءً، وروى ذلك عن ابن عباس وأبى أمامة وابن محيريز (١)، واحتج من قال هذا بقوله - عليه السلام -: " أفشوا السلام "، وذهب آخرون إلى [جوازه ابتداء](٢) للضرورة أو لحاجة تعن له إليه، أو لذمام (٣) وسبب. يروى ذلك عن إبرأهيم وعلقمة. وقال الأوزاعى: إن سلمت فقد سلم الصالحون، وإن تركت فقد ترك الصالحون (٤).
وقوله:" إذا لقيتم أحدهم فى طريق فاضطروه إلى أضيقه ": والمراد بذلك - والله أعلم -: ألا يظهر برهم بالتنحى لهم عن منهج الطريق وسبيله ويؤثرهم به، وينضم هو إلى ضيقه [وجوانبه](٥)، بل يسلكه المسلم حتى يضطر هو إلى حواشى الطريق [وضيقه](٦) ولم يرد - عليه السلام - والله أعلم - إذا كان الطريق واسعاً لحملهم أن يضيق عليهم ذلك [فضلاً](٧) ويمنعهم منه حتى يضطروا إلى غيره.
(١) هو عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب أبو محيريز القرشى المكى، كان من العلماء العاملين سكن بيت المقدس، قال الأوزاعى: من كان مقتضيًا فليقتض بمثل ابن محيريز، إن الله لم يكن ليضل أمة فيها ابن محيريز. الإصابة ٢/ ٣٢٩. (٢) فى ح: جواز الابتداء. (٣) الذمام: هو الحق والحرمة والعهد. اللسان، مادة " ذم ". (٤) قول الأوزاعى لم نعثر عليه فى المصنفات، وقد ذكره القرطبى فى تفسير سورة مريم ١١/ ١١٢، والحافظ فى الفتح ١١/ ٣٧. (٥) فى ح: وهو أشبه. (٦) فى هامش ز. (٧) فى ح: قصدًا.