وفى قوله فى الحديث الآخر: " إنى أصبت حدًّا فأقمه علىّ " فسكت، إلى قوله: " أليس قد توضأت؟ " ثم قال: " وشهدت الصلاة معنا؟ ". قال: نعم. قال: " إن الله قد غفر لك حدك - أو قال - ذنبك " يحتمل أن هذا الحديث بمعنى الأول، وأن ذكر الحد هنا عبارة عن الذنب، لا [على](١) حقيقة ما فيه حد من الكبائر.
وقد أجمع العلماء أن التوبة لا تسقط حدًّا من حدود الله إلا الحرابة. فلما لم يحده النبى - عليه السلام - حمله (٢) على أنه كان مما لا حد فيه، ولأن الصلاة إنما تكفر غير الكبائر. وقيل: هو على وجهه، وإنما لم يحده لأنه لم يفسر الحد فيما لزمه، فسكت عنه النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يستفسره لئلا يجب عليه الحد.
قالوا: وفيه حجة على ترك الاستفسار، وأنه لا يلزم ذلك للإمام إذا كان الكلام محتملاً والإقرار غير بين، طلباً [للتستر](٣)، بل نبه عنه - عليه السلام - المتنر فى غير هذا الحديث على الرجوع والنزوع عن قراره بقوله: " لعلك مسست أو قبلت " (٤) مبالغة فى الستر على المسلمين، وقد كان بالمؤمنين رؤوفاً رحيمًا، صلوات الله عليه.