وإنكار مكافأة المسلمين بالإحسان فى بعض الأمور، لاسيما عند الحاجة، وأن المعروف إنما يجب أن يوضع عند العلة لقوله:" قوم أتيناهم فلم يضيفونا لو شئت لاتخذت عليه أجراً ".
وفى قول الخضر أولاً:{أَلَمْ أَقُلْ إنَّكَ}(٣) وفى الثانية: {لَمْ أَقُلْ لك}(٤) وفى الثالثة: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِك} لين الكلمة، والإغضاء للمتعلم أولاً وإن خالفه واعترض، وكذلك الصفح عن ذى المظلمة ممن لم يعرف منه قبل، فإن عاد زجر وأغلظ له القول، وهو كقوله له فى الثانية:{أَلَمْ أَقُلْ لك} قال فى الحديث: " وهذه أشد من الأولى "، فإن عاد الثالثة عوقب بالهجر والإبعاد أو غيره من العقاب.
وأختلف العلماء فى أيهما أشد من قول موسى: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا [إِمْرًا](٥)} (٦) وهو نكراً؟ فقيل:" إمرًا " أشد من " نكرا "؛ لأن الشىء الإمر العظيم، فإن فى خرق السفينة هلاك جماعة وإفساد أموالهم، وليس فى قتل الغلام إلا هلاك واحد. وقيل: النكر أشد؛ لأنه قاله عند مباشرة القتل، وتحقق وفاة النفس، والأولى مظنونه، وقد يسلمون كما كان، وليس فيه تحقق إلا إفساد المال من خرق السفينة.