تبدو لنا ولا تؤذينا. وأظن مالكاً إنما ذكر هذا لما وقع فى كتاب مسلم:" فحرجوا عليها ثلاثاً " فلهذا ذكر: أحرج عليك. وأما قوله:" ذا الطفيتين ": فقال أبو عبيد (١): الطفية: خوص المقل، وجمعها طفا. وأراه شبه الخطين اللذين على ظهر الحية بخوصتين من خوص المقل. وقال بعض أصحابنا (٢): هما خطان أبيضان على ظهر الحية. والجنان: الحيات، وهى جمع جان. والجان: الحية الصغيرة، وقيل: الرضعة (٣) البيضاء. وأما الأبتر فهو الأفعى.
وحكى ابن مزين (٤) عن عيسى: أنه حمل على المذهب: أن الأبتر وذا الطفيتين يقتلان ولا ينذران وقد تقدم استثناؤهما فى كتاب مسلم (٥).
قال القاضى: قال الخليل (٦) فى ذى الطفيتين: هى حية لينة خبيثة. وأنشد:
كما تذل الطفا من رقية الراقى
وقوله:" يلتمسان البصر "(٧): معناه ما جاء فى الأم فى الرواية الأخرى: " يخطفان " وفى غيره: " يطمسان "(٨)، أى يذهبان به ويبطلانه. ومنه قوله (٩): التمست أحشاءه بالرمح.
وقوله:" يلتمعان البصر "(١٠) بمعنى ما تقدم. وفى حديث ابن مسعود:" لعل بصره سيلتمع "(١١) قال الهروى: أى يختلس (١٢)، ومنه: التمع لونه: إذا ذهب. قال الخطابى: يعنى باللدغ واللسع (١٣). وقد تقدم قول الزهرى فى الأم، وظاهره أشبه أنه خصوص بنفس النظر كأذى العائن بنظره - والله أعلم.
(١) غريب الحديث ١/ ٤٢. (٢) منهم: ابن عبد البر فى التمهيد ١٦/ ٢٣. (٣) فى الرسالة: الرقيقة. (٤) هو يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن مزين، له تآليف، منها تفسير الموطأ، وقيل عنه: أفقه من رؤى فى علم مالك وأصحابه، ت ٢٥٩هـ. انظر: ترتيب المدارك ٢/ ١٣٣. (٥) انظر: تفصيل تفسير هذه الألفاظ فى العين ٦/ ٢١، النهاية ١/ ٣٠٨، المنتقى ٧/ ٣٠١. (٦) انظر: العين ٧/ ٤٥٧. (٧) حديث رقم (١٢٨)، (١٢٩) بالباب. (٨) البخارى ٤/ ٩٧ (٩) فى الرسالة: قولهم. (١٠) حديث رقم (١٣٥) بالباب. (١١) رواه الطبرانى فى الكبير ٩/ ٢٩٥، ومجمع الزوائد ٢/ ٨٦. (١٢) انظر: غريب الحديث ٤/ ٥٨. (١٣) معالم السنن ٥/ ٤١١.