وقوله: فى حديث ابن عمر: " الشؤم فى الدار والمرأة والفرس "، وفى رواية أخرى عنه:" إنما الشؤم "، وفى رواية أخرى عنه:" إن يكن من الشؤم شىء حق " وذكر مثله، ومثله فى حديث سهل بن سعد، وجابر بن عبد الله.
قال الإمام: أما ذكره الشؤم فى الدار والمرأة والفرس، فإن مالكًا أخذ هذا على ظاهره ولم يتأوله، فذكر فى كتاب الجامع من العتبية أنه قال:" [زيد أرسلها](١) قوم فهلكوا، وآخرون بعدهم فهلكوا "، وأشار إلى حمل الحديث على ظاهره، فإن هذا محمله على أن المراد به: أن قدر الله - سبحانه - ربما اتفق بما يكره عند سكنى الدار، فيصير ذلك كالسبب، فيتسامح فى إضافة الشؤم إليه مجازًا واتساعاً، قالوا: وقد قال فى بعض طرق مسلم: " إن يكن الشؤم حقاً " فهذا لفظ ينافى القطع، ويكون محمله أن يكون الشؤم حقاً، فهذه الثلاث أحق به، بمعنى أن النفوس يقع فيها التشاؤم بهذه أكثر مما يقع بغيرها.
وقد وقع فى بعض الأحاديث: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما شكى إليه فى بعض الديار ذهاب الأهل والمال، قال:" دعوها ذميمة "(٢).
وقد اعترض بعض أهل العلم فى هذا الموضع بأن قال: فإنه نهى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الفرار من بلد الطاعون، وأباح الفرار من هذه الدار، فما الفرق؟ قيل: قال بعض أهل العلم إن الجامع لهذه الفصول كلها ثلاثة أقسام:
(١) فى ح: رُبَّ دار سكنها. (٢) مالك فى الموطأ، ك الاستئذان، ب ما تبقى من الشؤم ٢/ ٩٧٢ (٢٣)، أبو داود، ك الطب، ب فى الطيرة (٣٩٢٤) عن أنس بن مالك - رضى الله عنه.