وقوله: " حتى رأيت كومين من طعامٍ وثياب ": كذا قيده بعضهم بفتح الكاف، وقيده آخرون بضمها، قال أبو مروان بن سراج: هو بالضم اسم لما كوِّمَ الكومَة، وبالفتح المرة الواحدة، والكومة: الصُّبرة (٢)، والكوم: العظيم من كل شىء، والكوم: المكان المرتفع كالرابية وشبهها، فالفتح هنا أولى فى الحديث؛ لأنه إنما قصد الكثرة والصبرة والتشبيه بالرابية.
وقوله: " فرأيت وجَه النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَّللُ كأنه مُذْهبةُ " فيه وجهان: أحدهما: أنه أراد فضة مذهبةُ، كما قال: كأنها فضةُ قد مَسّهَا ذهب " يعنى لحسن وجهه ونوره وإشراق ماء السرور فيه، والوجه الثانى: أنه شبهه أيضًا فى حسنه بالمُذْهبة من الجلود، وجمعها مذاهب، وهى شىء كانت تصنعه العرب من جلود، وتجعل فيه خطوطًا [مذهبة](٣) يرى بعضها إثر بعضٍ، وفيه يقول الشاعر:
أتعرف رسمًا كالطراء المذاهب
وسروره - عليه السلام - هنا لوجهين: أحدهما: لما ظهر من إجابة المسلمين له وبذلهم أموالهم فى الله، وجودهم بالصدقة، والثانى: لما فتح الله بذلك على هذه الدافة العراة المحاويج (٤).
قال الإمام: وقوله: " من سن سنة حسنة فى الإسلام فله أجرها، وأجر من عمل
(١) النساء: ١. (٢) فى الأبى: الصرة، والمثبت من الإكمال. (٣) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم. (٤) فى س: المجاويع.