بالزكاة، وإن كان لفظه خبراً ففى معناه [الأمر](١)، وذهب جماعة منهم الشعبى والحسن وعطاء وطاووس ومسروق وغيرهم: أنها محكمة، وأن فى المال حقوقاً سوى الزكاة؛ من فك العانى، وإطعام المضطر، والمواساة فى العسرة، وصلة القرابة (٢)، وقال [القاضى إسماعيل](٣): قد تحدث أمور لا يُجدُّ لها وقت فتجب فيها المواساة للضرورة نحو قولهم.
قوله: " ولا صاحب كنز لا يؤدى حقه ": قال الطبرى: الكنز كل شىء مجموع بعضه على بعض، فى بطن الأرض كان أو على ظهرها، زاد صاحبها، زاد صاحب العين وغيره: وكان مخزوناً. وقال ابن دريد: الكنز: كل شىء غمرته بيدك أو رجلك (٤) فى وعاء أو أرض. واختلف السلف فى معنى الكنز المذكور [فى القرآن والحديث، فقال أكثرهم: هو كل مال وجبت فيه الزكاة](٥) فلم تؤدَّ زكاته، وما أخرجت زكاته فليس بكنز، وقال آخرون: نسخ ذلك الزكاة، وقيل: المراد بالآية أهل الكتاب المذكورون قبل ذلك، وقال آخرون: كل ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز وإن أديت زكاته، وقيل:[هو](٦) ما فضل عن الحاجة، وقيل: لعل هذا كان فى مدة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأول الإسلام، وضيق الحال. واتفق أئمة الفتوى على القول الأول وهو الصحيح؛ لأنه جاء فى رواية: " ما من صاحب كنز لا يؤدى زكاته "، وذكر عقابه فقد جاء مفسّرًا، وفى الحديث الآخر: " إذا لم يؤد المرء حق الله أو الصدقة فى إبله " وذكر الحديث، وفى الحديث الآخر: " من كان عنده مال لم يؤد زكاته مثل له شجاعاً أقرع " (٧)، [وفى آخره: " فيقول: أنا كنزك " الحديث.
(١) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش. (٢) ونقل الجصاص هذا أيضاً عن ابن عمر ومجاهد. أحكام القرآن ٣/ ٤١١. (٣) فى س: إسماعيل القاضى. (٤) فى س: برجلك. (٥) سقط من س، وهى مثبتة فى الأصل. (٦) ساقطة من س. (٧) هذا اللفظ رواية البخارى، ك الزكاة، ب إثم مانع الزكاة ٢/ ١٣٢، وجاء - أيضاً - بهذا اللفظ فى الموطأ، ك الزكاة، ب ما جاء فى الكنز ١/ ٢٥٧، ابن ماجة، ك الزكاة، ب ما جاء فى مانع الزكاة ١/ ٥٦٨، ٥٦٩. أما لفظ مسلم: " إلا جاء كنزه يوم القيامة شجاعاً أقرع "، وأيضاً جاء: " إلا تحوّل يوم القيامة شجاعاً أقرع ".