وقوله فى الحديث الآخر:" فقامت امرأة من سِطةِ النساء "، قال الإمام: قيل فى تفسير قوله تعالى: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ}(١) أى أعدُلهم وخيرهم، ومنه قوله تعالى:{أُمَّةً وَسَطًا}(٢) أى عدلاً خيارًا، ويقال: فلان من أوسط قومه، وأنه لواسطة قومه ووسط قومه، أى من خيارهم وأهل الحسب منهم، وقد وسط وساطة وسِطة، وقول الله تعالى:{فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا}(٣) أى فتوسطن المكان، يقال: وسط البيوت (٤) يسطها إذا نزل فى وسطها.
قال القاضى: كذا وقع هذا الحرف عند عامة شيوخنا وسائر الرواة، إلا فيما أتى به الخُشنى عن الطبرى، فإنه ضبطه:" واسطة "، وهو قريب من التفسير الأول، لكن حُذَّاق شُيوخنا زعموا أن هذا الحرف مُغَيَّرٌ فى كتاب مسلم، وأنَّ صَوَابَه:" مِن سَفلة الناس "، وكذا رواه النسائى (٥) فى سننه وابن أبى شيبة فى مصنفه (٦) وذكره من طريق آخر: " فقامت امرأة ليست من علية النساء "(٧)، وهذا ضد التفسير المتقدم، ويعضده قوله بعد:" سفعَاء الخدَّين "، وهو شحوب وسواد فى الوجه.
قال الإمام: قال الهروى فى تفسير قوله: " أنا وسفعاء الخدَّين كهاتين يوم القيامة "(٨) أراد أنها بدلت [تصانُع](٩) وجهها - أى محاسِنهُ - حتى اسودت إقامة على ولدها بعد وفاة زوجها لئلا تضيعهم، والأسفع: الثور الوحشى الذى فى خدِّه سواد (١٠).
(١) القلم: ٢٨. (٢) البقرة: ١٤٣. (٣) العاديات: ٥. (٤) فى س: البيت. (٥) فى الكبرى، ك صلاة العيدين، ب قيام الإمام للخطبة متوكئًا على إنسان ١/ ٥٤٩. (٦) لم أقف عليه فيما لدى وإنما هو للدارمى، ك العيدين، ب الحث على الصدقة يوم العيد ١/ ٣١٦، وأحمد فى المسند ٣/ ٣١٨، وقد أخرجه عبد الرزاق دون ذكر هذه اللفظة: ٣/ ٢٧٩. (٧) فى الزكاة ٣/ ١١٠، وكذا عبد الرزاق فى المصنف ٣/ ٢٨٠. (٨) أبو داود، ك الأدب، ب فى فضل من عال يتيمة ٢/ ٦٣١، وأحمد فى المسند ٦/ ٣٩ عن عوف بن مالك. (٩) فى جميع النسخ تناصف، والمثبت من الفائق. (١٠) قال القاضى فى المشارق: هو شحوب وسواد فى الوجه، قال الأصمعى هى حمرة يعلوها سواد. ٢/ ٢٢٦.