قال الإمام: وأنكر ابن قتيبة أن يكون بالفاء والصاد وقال: إنما ذلك " قَرْضَةٌ " بالقاف والضاد المعجمة، أى قطعةَ، وأنكر - أيضاً - على من تأول أن المسك فى هذا الموضع الطيب، وقال: لم يكن للقوم وسعٌ فى المال يستعملون الطيب فى مثل هذا وإنما معناه: الإمساك، فإن قالوا: إنما سُمِع رُباعياً والمصدرُ منه إمساكُ، قيل: قد سُمِع - أيضاً - ثلاثياً فيكون مصدرها (١) مسْكاً.
قال الإمامُ: وأنكر ابن مكى على الأطباء قولهم: القوة الماسكة، قال: وإنما الصواب: الممسكة؛ لأنه سُمِع رباعيًا، ولعله [لم](٢) ير ما حكيناه عن ابن قتيبة.
قال القاضى: أما قول ابن قتيبة: إن المسك هنا مصدر، فلا يصح ولا يلتئم الكلام، لقوله:" فرصة من مسك "، والأشبه هنا، على رواية الفتح، أن يكون من جلدٍ، قال الخطابى: تقديره: قطعة من جلدٍ عليه صوف (٣) قال القتبى: ولا اختصاص هنا للصوف وغيره.
وأما قوله:" مُمَسَّكةٌ " فرويناه بفتح السين فى الأم، قال الخطابى: ولهما معنيان: أحدُهما: مُطَيَّبةٌ بالمسك، والثانى: يكون من الإمساك (٤) أمسكتهُ ومَسَّكْته، قال لى أبو الحسين: بمعنى مجلَّدةٍ، أى قطعةُ صوف لها جِلدٌ وهو المسْك ليكون أضبطَ لها وأمكن لمسح أثر الدم به، وهذا مثل قوله:" فرصة مِسْك " أو تكون مُمَسَّكَة جُعِل لها مِسَاكٌ تُحبَسُ به إما ليكون ذلك أضبط أو لئلا تمتلئ اليدُ، هذا كله على رواية الفتح، وقال فيه بعضهم: ممسِكة بكسر السين، ومعناه: ذاتُ مِسَاك أو ذاتُ جلد بالمعنيين المتقدّمَيْن. وقد يدلُّ على صحة هذا وأنه المرادُ به قوله فى غير هذا الحديث: " أنعتُ (٥) لكِ الكُرْسُفَ،
(١) فى المعلم: مصدره. (٢) من المعلم. (٣) و (٤) راجع: معالم السنن ١/ ٩٧. (٥) فى ت: أبعثُ.