بعضهم أنه فى سبعة أعضاء السجود، وقد ذكر فى الحديث: " أن منهم من تأخذُه النارُ إلى نِصْفِ ساقيه وإلى رُكْبتيه " فدلَّ أن عذاب المؤمنين فيها بخلاف عذاب غيرهم.
وقوله فى أهل الذنوب: " فأماتهم الله إماتةً، حتى إذا كانوا فحماً أذن بالشفاعة وأن أهلها هم الذين لا يمُوتون ولا يحيُون " (١)، وقال بعض المتكلمين يحتملُ معنيين:
أحدهما: أن المذنبين يُميتهم الله موتاً حقاً حتى لا يُحِسُّون النار، فيكون عقابهم حبسهم فى النار عن دخول الجنة كالمسجونين، وأما أهل النار الذين هم أهلها فهم أحياء حقيقةٌ، ولقوله:{لا يَمُوتُ فِيهَا} أى فيستريح {وَلا يَحْيَى}(٢) حياة ينتفع بها، وهى فى الكفار لقوله:{وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى}(٣).
الوجه الثانى: أن الإماتة لأهل الذنوب ليس على الحقيقة لكن غيّب عنهم إحساسهم [للآلام](٤) بِلطف منه، ويجوز أن تكون آلامُهُم أخف كالنوَّام، وقد سمى الله النومَ لإعدامه الحسَّ وفاةً، فقال:{اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا}(٥)، لكن قد قال: " حتى إذا كانوا فحماً " فدل أن النار مع هذا تعمل فى أجسادهم أو بعْضها، وقد جاء فى حديث أبى هريرة: " إذا أدخل الله الموحدين النار أماتهم فيها، فإذا أراد أن يُخرجهم منها أمَسَّهُم ألم العذاب تلك الساعة " (٦) وفى حديث آخر: " أنها تنزوى منهم وتقول: " ما لى ولأهل بسم الله ".
وقوله: فى الذى هو آخر دخولاً الجنة: " فيكبو مرةً " أى يسقط لوجهه ويمشى مرة، وتسفعه مرة أى تضرب وجهه أو تسوده على أحد التأويلات فى قوله:{لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَة}(٧).
وقوله فيه:" يخرج منها زحفاً ": أى مشياً على إليتيه، كما يفعل الصبىُ قبل أن يمشى، وهو مثل قوله فى الحديث الآخر:" حبواً ".
(١) رواه أبو سعيد من حديث أبى نضرة. (٢) الأعلى: ١٣. وزيد بعدها فى غير: ت، ق: هم. (٣) الأعلى: ١١. (٤) ساقطة من ق. (٥) الزمر: ٤٢. (٦) أخرجه الديلمى فى مسند الفردوس عن أبى هريرة برقم (٩٧٦). (٧) العلق: ١٥.