وكذلك قول الرجلين من مزينة بعد هذا: يا رسول الله، أرأيت ما يعمل الناس ويكدحون فيه، أشىء قضى عليهم ومضى فيهم من قدر سابق، أو فيما يستقبلون به مما آتاهم [به](١) نبيهم - عليه السلام - وثبتت الحجة عليهم؟ فقال:" بل شىء قضى عليهم ومضى فيهم، وتصديق ذلك فى كتاب الله عز وجل:{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}(٢) " هذا مطابق لقول الأشعرية وأهل السنة، فى أن كل شىء بقضاء الله وقدره، وأن المعاصى قضاها الله وقدرها، ألا ترى قول السائل: أرأيت ما يعمله الناس [اليوم](٣) ويكدحون فيه ولم يفرق بين خير وشر، ولا طاعة ولا معصية؛ ولذلك جوابه - عليه السلام - لم يفرق فيه، بل قال: كل شىء قُضى عليهم ومضى فيهم، وتلا كتاب الله تعالى مصدقاً لما قال، ومسوياً بين الفجور والتقوى بقوله:{فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} فأخبر - سبحانه وتعالى - عن النفس وما فعل فيها.
وكذلك قوله - عليه السلام -[فى كتاب مسلم بعد هذا:" كل شىء بقدر حتى العجز والكيس "(٤) مطابق - أيضاً - لقول الأشعرية فى هذا. وكذلك قوله: جاء قوم مشركون يخاصمون النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٥) فى القدر (٦) فنزل قوله تعالى: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} إلى قوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}(٧). هكذا الأحاديث كلها مطابقة لقول أهل الحق.
(١) من ح. (٢) الشمس: ٧، ٨. (٣) فى هامش ح. (٤) سيأتى فى ب كل شىء بقدر برقم (١٨). (٥) ف هامش ح. (٦) سيأتى فى ب كل شىء بقدر برقم (١٩). (٧) القمر: ٤٨، ٤٩.