قضاء عليهم، لاراد لحكمه ولا معقب لقضائه، [سبحانه](١) لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، ولا يشاؤون إلا أن يشاء الله.
وقوله:{جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ}(٢): [أى](٣) يسقط بسرعة. قال الكسائى: إرادة الجدار هنا ميله، وقيل: هو على مجاز كلام العرب، واستعارتنا اللفظ [هنا ميله، وقيل: هو](٤) لا يطابق معناه، وتشبيه منتهاه، فلما قرب الحائط من الانقضاض كان كمن يريد أن يفعل ذلك.
وقوله " ولكن أخذته من صاحبه ذمامة " بفتح الذال المعجمة. قيل: معناه: استحياء، وقيل: هو من الذمام، أى لا كان [شرطه](٥) عليه من الفراق، وأنه لا يسأله عن شىء بعدها، قال ذو الرمة:
أو تقضى ذمامة صاحب
ويقال: أخذته من مذمة بالفتح والكسر معاً، وقيل: فى ذِمَّتِكَ هذا أو يقضى ذمامة، ويكافئه عليه ويطرح عنه الذم لترك مكافأته، وهذا حسن هنا لائق بهذا المكان، وذلك أنه اعتذر له أولاً [بالنسيان](٦)، كما قال الله تعالى عنه، وكما جاء فى الحديث:" كانت الأولى من موسى نسياناً "، وقيل: إنه لم ينس، ولكنه من معاريض الكلام، قاله أبى ابن كعب. ولم ينس فى الثانية فلم يعتذر بذلك واستحيى منه، وقال له:{إن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي}(٧).
هذه معنى الذمامة، أى الاستحياء من تكرار مخالفته، وقد روى مثل هذا عن النبى - عليه الصلاة والسلام - قال:" استحى نبى الله موسى "، ويكون منِ الذم بمعنى اللوم، قال صاحب العين: وذممته ذماً: لمته، ويعضده قول الخضر هنا:{هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِك}(٨).
وقوله:{وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَهُمَا}(٩): قيل: كان لوحًا من ذهب، فيه مكتوب فى جانب منه:" بسم الله الرحمن الرحيم. عجبت لمن أيقن بالقدر ثم يغضب (١٠)، عجبت لمن أيقن بالموت ثم يضحك (١١) "، وفى رواية:" عجبت لمن أيقن بالموت ثم أمِن "، وفى الرواية الأخرى:" عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها "(١٢)، وفى الرواية الأخرى:" أنا الله لا إله إلا أنا، محمد عبدى ورسولى "، وفى الشق الآخر: " أنا
(١) من ح. (٢) الكهف: ٧٧. (٣) فى هامش ح. (٤) سقط من ح. (٥) فى الأبى: شارطة. (٦) فى ز: باللسان، والمثبت من ح. (٧) الكهف: ٧٦. (٨) الكهف: ٧٨. (٩) الكهف: ٨٢. (١٠) فى ح: غضب. وانظر: ابن عساكر ٦/ ٣٥٧. (١١) فى ح: ضحك. (١٢) الترغيب ٣/ ١٨٩، ابن عساكر ٦/ ٣٥٧، الكنز ١٥/ ٩٣٧ برقم (٤٣٦١٠).