فقل: عليك. قال بعض شيوخنا: ومعنى قولهم هذا: لا يرد عليهم، أى بلفظ السلام المشروع، وليرد عليهم بما جاء فى الحديث:" عليكم ". وهذا قول أكثر العلماء (١). وقال ابن طاووس: يقول: علاك السلام، أى ارتفع عنكم.
قيل: فى هذا الحديث دليل أنهم لا يبدؤون بالسلام؛ لقوله:" إذا سلم عليكم اليهود " ولم يذكر ابتداء السلام عليهم، فدل أنه غير مشروع ولا جائز (٢).
وقول عائشة:" بل عليكم السام والذام " مخفف الميم، وفى رواية العذرى " الهام " مكان " الذام "، فأما الذام: فهو من الذم، وكذا رواه الهروى:، والدام "، ويكون ألفه منقلبة من ياء، ويقال: ذممته ذماً: إذا لمته فى إساءته، وذمته أذيمه ذيماً: عبته، أو يكون ألفه منقلبة من همزة [من الذأم وهو الاستحقار. يقال ذامه ذأماً: إذا حقره](٣) وهذا من نحو قولها فى الرواية الأخرى: " بل عليكم السام واللعنة "، ولم تختلف الرواية فيه أنه بالذال المعجمة (٤)، ولو كان بالمهملة؛ لكان له وجه (٥).
قال ابن الأعرابى: الدام: بمعنى الدائم، ويكون معناه: عليكم الموت الدائم. وأما الهام، فلا وجه له إلا أن يكون بمعنى الموت أيضاً، من قولهم: فلان هامة اليوم وغد. والعرب تزعم أن الميت إذا مات خرج من رأسه طائر يقال له: الهام. ويقال: ذلك يختص بمن قتل ولم يدرك بثأره، فيقال لمن كبر وشاخ ذلك: إن موتك قريب فيكون معنى قول عائشة هذا، أو يكون الهام ها هنا بمعنى: الطيرة، على ما كانت العرب تطير به من الهام، أى: عليكم الموت والطيرة والشؤم - والله أعلم.
(١) منهم: أنس، وإبراهيم، وعامر. انظر: ابن أبى شببة، ك الأدب، ب رد السلام على أهل الذمة ٦/ ١٤٢، ١٤٣. (٢) التمهيد ١٧/ ٩٣، ٩٤. (٣) سقط من الأصل، والمثبت من ح. (٤) يعنى رواية صحجح مسلم بالذال المعجمة. (٥) وهذا ما قاله النووى فى شرح مسلم ١٤/ ١٤٥.