فقال لى: دعه فقلت: لا، ولكنى أعرفه، فإن جاء صاحبه وإلا استنفقت به. فلقيت أبى بن كعب فأخبرته بما جرى، فقال: وجدت صرة فيها مائة دينار على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأتيت بها النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:" عرفها حولاً ". قال: فعرفتها فلم أجد من يعرفها ثم أتيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " عرفها حولها " فعرفتها فلم أجد من يعرفها، فقال:" احفظ عددها ووعاءها ووكاءها، فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها "، وفى بعض طرقه: قال شعبة: سمعته بعد عشر سنين يقول: " عرفها عاماً واحدًا "، قال الإمام: اختلف الناس فى اللقطة، هل يجوز أخذها ابتداء أو يكره؟ واختلف الناس أيضاً إذا جاء صاحبها فوصف العفاص والوكاء - على ما ذكر فى الحديث هل يجب إعطاؤها له؟ وهو مذهب مالك، أو لا يحكم له بها حتى يقيم بينة؟ وهو مذهب أبى حنيفة والشافعى.
واختلف الناس - أيضاً - إذا عرفها حولاً، هل يجوز له أكلها أم لا؟ فعندنا: يجوز على كراهية فيه، وعند أبى حنيفة: إنما يجوز بشرط أن يكون فقيرًا.
واختلف الناس - أيضاً - إذا أكلها بعد الحول وجاء صاحبها، هل عليه غرامتها له أم لا؟ (١) فعندنا: عليه الغرامة، وعند داود: لا غرامة عليه.
واختلف الناس - أيضاً - فى الشاة إذا كانت فى الفلاة فأكلها ملتقطها، ثم جاء صاحبها، هل يغرمها له أم لا (٢)؟ فعندنا: لا غرامة عليه، خلافاً لأبى حنيفة والشافعى فى إيجابهما الغرامة.
واختلف المذهب - أيضاً - إذا أعطاها بالصفة، هل يحلف آخذها أم لا؟
فتضمن ما ذكرنا فى كتاب مسلم الرد على أبى حنيفة فى اشتراطه الفقر لأنه قال:" ثم كلها " ولم يشترط الفقر. وحديث أبى وقد كان غنياً وقد أباح له الاستمتاع بها.
= عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعمر، وعنه سويد بن غفلة وأبو وائل وأبو ميسرة وغيرهم، شهد فتوح الشام. قال العجلى: كوفى ثقة، وذكره ابن حبان فى الثقات. مات سنه ٢٥ هـ، وقيل: ٢٩ هـ، وقيل ٣٠ هـ، وقيل ٣١ هـ. التهذيب ٤/ ١٣٦، ١٣٧. (١) انظر: المسألة فى التمهيد ٣/ ١١٧ وما بعدها، الاستذكار ٢٢/ ٣٣١. (٢) انظر: التمهيد ٣/ ١٢٣ وما بعدها.