قوله:" لأقررْتُ بها عينَك ": قال ثعلب: أقرَّ الله عينه، أى بلغه أمنيته حتى ترضى نفسه وتقر عينهُ، فلا تستشرف لشىء، ومنه قولهم لمن أدرك ثأره: وقعْتَ بِقرك، أى أدرك فؤادك (١) ما كان يتطلع إليه، وقال الأصمعى: معناه: أبرد الله دمعته؛ لأن دمعة الفرح باردة وسمعت الأستاذ أبا الحسين بن الأخضر النحوى يقول فى تفسير هذا: إنه من البرد، كما قال فى ضده من السخن بقوله: أسخن الله عينَه، وذلك أن الذى يرى ما يسوءه يبكى فتسخُن عينُه بالدموع، والذى يرى ما يسرُّه لا يبكى فتبقى عينه باردة، فيكون معنى " أقرَّ الله عينه ": أى أراه ما يسرُّه.
وقوله:" فلم يزل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعرضها ويُعيدُ له تلك المقالة " كذا فى كافة الأصول، وعند جماعة شيوخنا وفى نسخة:" ويعيدان له تلك المقالة " وهو أشبه، يعنى أبا جهل وابن أبى أميَّة المذكورين أوَّل الحديث، المناقضين للنبى -عليه السلام- فى أمره، ويصححه قوله فى الأم فى الحديث الآخر:" ويعودان بتلك المقالة "(٢).
(١) فى جميع النسخ رسمت هكذا: فليك وما أثبتناه من اللسان. (٢) قال الأبى: لم يقولا له: لا تفعل وعدلا إلى هذا اللفظ -أترغبُ عن مِلةِ عبد المطلب- لأنه أبعث لأبى طالب على الإيامة. إكمال الإكمال ١/ ١١٠.