ومرة أكل الخوارى، ومختلف الطعام. كل ذلك - ليدل على الرخصة بالجواز مرة، والفضل والزهد فى الدنيا وملاذّها أخرى. وكان يحب الحلواء والعسل، ويقول:" حُبّب إلىّ من دنياكم ثلاث: النساء، والطيب، وجعلت قرة عينى فى الصلاة ". وسيأتى الكلام على هذا الحديث.
وفى قوله:" ما بال أقوام قالوا كذا ": فيه ما كان عليه - عليه السلام - من حسن معاشرته، وأدبه، وتركه مواجهة الناس بما يكرهون، وتسميتهم بأسمائهم على رؤوس الجميع، وتوبيخهم مُعَيَّنين، بل أبهم الأمر، وترك التعيين.
وقوله:" ردّ على عثمان بن مظعون التبتل "، قال الإمام: التبتل: [هو]، (١) الانقطاع عن النساء، وترك النكاح [لمن استغنى عنه إلى](٢) الانقطاع إلى الله تعالى. ومنه الحديث:" لا رهبانية فى الإسلام ولا تبتل "(٣)، قال الليث: البتول: كل امرأة منقطعة عن الرجال، لا شهوة لها فيهم. وقال أحمد بن يحيى: سميت فاطمة بالبتول؛ لانقطاعها عن نساء زمانها، وعن نساء الأمة ديناً، وفضلاً، وحسبًا.
قال القاضى: قال الطبرى: التبتل: هو ترك لذات الدنيا وشهواتها، والانقطاع إلى
(١) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش. (٢) فى ع: ثم استعير منه. (٣) جاه فى كشف الخفاء قال: قال ابن حجر: لم أره بهذا اللفظ، لكن فى حديث سعد بن أبى وقاص عند البيهقى: " إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنفية السمحة ". انظره: ٢/ ٥٢٨.