الشريعة كلها راجعةٌ إليه، ومتشعبة منه. على هذا الحديث وأقسامه الثلاث ألفنا كتابنا الذى سميناه بـ " المقاصد الحسان فيما يلزم الإنسان " (١)، إذ لا يشذ شىء من الواجبات والسنن والرغائب والمحظورات والمكروهات عن أقسامه الثلاث.
وقوله فى الحديث: " وأن تَلِدَ الأمةُ ربَّتَها "، وفى موضع آخر: " ربَّها "، قال الإمام: أى مولاتها، قيل: معناه: أن يكثر أَولاد (٢) السرارى حتى تكون الأمُّ كأنها أمةٌ لابنتها (٣)، لما كانت ملكاً لأبيها، وقيل: يحمل على أنه يكثر بيع أمهات الأولاد فى آخر الزمان، حتى يملك المشترى أُمّه وهو لا يعلم، لكثرة تداول الأملاك لها. وفى بعض طرق الحديث: " تلد الأمة بعلها " وهو من هذا المعنى؛ لأنه إذا كثر بيعهُن قد يقع الإنسانُ فى تزويج أمِّهِ وهو لا يعلم.
قالَ القاضى: أما قوله: " تلد الأمةُ ربَّها - أو ربَّتها ": فقيل فيه ما ذكره (٤)، وبيانهُ أن الرجُل الحسيب إذا أولد أمةً كان ابنُها منه بمنزلة ابنه (٥) من مولاتها، وقيل: المراد به فُشوُّ العقوق، وأن يكون الولد فى الصَّوْل على أُمّه وقلة بِره بها كأنه مولاها، كما قال فى الحديث الآخر: " ويكون الولد غيظاً (٦) "، لكن لا معنى إذاً لتخصيص أولاد الإماء بهذا، إلا أن يقال:[إن سبب](٧) نسبه الأموية أقرب إلى استدعاء [العقوق](٨)
(١) ذكره ابنه له، وقال: إنه لم يكمله، ولغلب على الظن أنه من الكتب المفقودة، فلم أجد له ذكراً فى غير هذين الموضعين. راجع: الديباج المذهب. (٢) فى المعلم: استيلاد. (٣) قيدت أولاً فى ت: لولدها، ثم كُتب فوقها: لابنتها. (٤) فى ق: ما ذكر. (٥) فى ق: أبيه. وسبب السؤال عن الساعة زجرُ الناس عن السؤال عنها، فإنهم أكثروا السؤال عنها، كما قال تعالى: {يَسْأَلُكَ النِّاسُ عَنِ السَّاعَة}، فلما أجيبوا بأنه لا يعلمها إلا الله -سبحانه- كفوا؛ لأن معنى: " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ": لا علم لى ولا لك ولا لأحد بها. إكمال الإكمال ١/ ٦٩. (٦) فى ق: أيضاً. والحديث أخرجه الطبرانى فى الأوسط عن عائشة مرفوعاً: " لا تقوم الساعة حتى يكون الولدُ غيظاً، والمطرُ قيظاً، وتفيض اللئام فيضاً، ويغيضُ الكرام غيضًا، ويجترئ الصغير على الكبير، واللئيم على الكريم ". قال الهيثمى فى المجمع: " رواه الطبرانى فى الأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم " ٧/ ٣٢٥. (٧) سقط من الأصل، واستدرك بسهم فى هامشه. (٨) ساقطة من الأصل، واستدركت بسهم فى هامشه.