له، ومذهب مالك منع ذلك، و [قد](١) اختلف عندنا فى نجاسة الميت، فعلى القول بنجاسته يتبين وجه المنع، وعلى القول: ليس بنجس، يكون المنع حماية لذريعة؛ لئلا يتفجر منه شىء، وقد أمر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تجنب صبياننا ومجانيننا المسجد (٢)، قالوا: وهذا خيفة أن يحدث منهم النجاسة، فهذا يؤيد ما وجهنا به [من حماية الذريعة](٣) ويعارض حديث عائشة حديث فى كتاب أبى داود [فيه](٤): " أن من صلى على جنازة فى المسجد فلا شىء له "(٥)، أو كما قال.
قال القاضى: ضعف أحمد بن حنبل هذا الحديث (٦)، [وقال: هو مما انفرد به صالح مولى التوأمة](٧). وتأوله آخرون على الإعياء فى نقص أجره لما فاته من تشييعه إلى قبره، والمقام عليه إلى دفنه، وتأول آخرون " لا شىء له ": أى عليه، كما قال تعالى:{وَإِنْ أَسَأَتُمْ فَلَهَا}(٨): أى عليها. اختلف السلف والعلماء فى ذلك، فمن منع ذلك على ظاهر إنكار الصحابة مالك وبعض أصحابه، وأبو حنيفة، وابن ذئب. وممن أجازه الشافعى، وأحمد وإسحاق، قال أبو عمر: رواه المدنيون عن مالك، وقاله ابن حبيب من أصحابنا، وحكاه عن شيوخنا المدنيين، وقاله القاضى إسماعيل إذا احتيج إلى ذلك،
(١) من ع. (٢) ابن ماجة، ك المساجد والجماعات، ب ما يكره فى المساجد ١/ ٢٤٧ من حديث واثلة بن الأسقع، وقال فى الزوائد: إسناده ضعيف؛ فإن الحارث بن نبهان متفق على ضعفه. (٣) و (٤) من ع. (٥) أبو داود، ك الجنائز، ب الصلاة على الجنازة فى المسجد ٢/ ١٨٥. (٦) يعنى حديث أبى داود. (٧) سقط من س. وصالح مولى التوأمة هو صالح بن نبهان، والتوأمة بنت أمية بن خلف، وقال فيه ابن أبى داود: كان شعبة لا يروى عن صالح مولى التوأمة وكان ينهى عنه، ولابن عدى بإسناده إلى بشر بن عمر الزهرانى: سألت مالك بن أنس عن صالح مولى التوأمة. فقال: ليس بثقة فلا تأخذن عنه شيئًا. وقال: سمعت ابن حماد يقول: قال السعدى: صالح مولى التوأمةِ تغير آخرًا، فحديث ابن أبى ذئب عنه مقبول لسنه، ولسماعه القديم عنه، وأما الثورى فجالسه بعد التغير، ونقل عنه بإسناده إلى ابن أبى مريم قال: سمعت يحيى بن معين يقول: صالح مولى التوأمة ثقة حجة، إنما أدركه مالك بعد أن كبر وخرف. الكامل ٤/ ١٣٧٣، الضعفاء الكبير ٢/ ٢٠٥، تهذيب الكمال ١٣/ ٩٩. (٨) الإسراء: ٧.