الميت وصى بأن يبكى عليه فيعذب إن نُفِّذَتْ وصيته، ومن الإيصاء بهذا المعنى قول طرفة:
إذا مت (١) فانعينى بما أنا أهله ... وشُقىّ علىَّ الجيبَ يا ابنة معبد
وقيل: معنى " يعذب ببكاء أهله ": أى أن تلك الأفعال التى يعددها أهله بما يعدَّونها محاسِنَ يُعذَّبُ عليها من إيتام الولدان وإخراب العمران على غير وجه يجوز. وأما عائشة - رضى الله عنها - فإنها تأوَّلت ذلك على أنه كان فى يهوديةٍ، وأنه قال:" إنهم ليبكون عليها، وإنها لتعذب فى قبرها "، وذكر عنها مسلمٌ - أيضاً - أنها لما أُخبرت بقول عبد الله بن عمر أنَّ الميت ليعذّب فى قبره ببكاء أهله، قالت:" وَهِلَ أَبو عبد الرحمن، إنما قال - عليه السلام -: إنه ليعذب بخطيئته أو بذنبه، وأن أهله ليبكون عليه الآن ". قالت:[وهو مثل قوله](٢): " إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام على القليب يوم بدر، وفيه قتلى بدر من المشركين، فقال لهم ما قال: " إنهم ليسمعون ما أقول "، وقد وهِل، إنما قال: "[إنَّهم](٣) ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حقٌّ ".
قال القاضى: وقيل: معناه: إنه يتعذب بسماع بكاء أهله [وَيرقُ لهم](٤)، وقد جاء هذا مفسراً فى حديث قَيلة حين بكت عند ذكرها موت أبيها (٥)، فزجرها النبى - عليه
(١) لفظها فى المعلقة: فإن مت. ومعبدٌ أخوه. (٢) الذى فى المطبوعة: وذاك مثل قوله. (٣) ساقطة من س. (٤) سقط من س. (٥) فى س: ابنها.