وقوله: " يا أمة محمد، ما من أحدٍ أغيرُ من الله " (١)، قال الإمام: معناه: [ما من أحد](٢) أمنعُ للفواحش من الله، والغيور يمنع حريمه [وكلما](٣) زادت غيرته زاد منعه، فاستعير لمنع البارى سبحانه عن معاصيه اسم الغيرة مجازًا واتساعًا، وخاطبهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما يفهمونه.
قال القاضى: قيل: الغيرة مشتق من تغيَّر حال الغيران [لما رآه](٤) من قبيح فعل من غار (٥) عليه، [وتغيُرُ قلبه وهيجان حفيظته بسبب هتك حريمه لديه عنهم، ومنعهم من ذاك](٦)، والله تعالى يتقدَّس (٧) عن تغير ذاته وصفاته، وغيرته ما غيره من حال العاصى كان بانتقامه منه وأخذه له، ومعاقبته فى الدنيا والآخرة:{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم}(٨).
وقوله: " لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا "، قال القاضى: قال الباجى: يريد أنه - عليه السلام - قد خصه الله بعلمٍ لا يعلمه غيرُه، ولعله مما رآه فى
(١) الذى فى المطبوعة: " إن من أحد أغير من الله "، والذى فى المعلم: "ما أحدٌ أغير من الله ". (٢) الذى فى المعلم: ما أحدٌ. (٣) فى الأصل: وكل من، والمثبت من المعلم، س. (٤) سقط من س. (٥) فى س: يُغار. (٦) سقط من س. (٧) فى س: تقدَّس. (٨) الرعد: ١١. وقيل: الغيرة حمية وأنفة، فغيرته تبارك وتعالى محمولة على المبالغة فى إظهار غضبه عزَّ وجل. الأبى ٢/ ٥٤.