بالكلام، ومرة أخبر عن الجماعة، وقيل: يحتمل أنه أراد بالناس الرجلَ الأعرابى المذكور، كما قال تعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ}(١) إنما قاله واحد، وهذا فيه بعدد [لما جاء بعده](٢).
وقوله فى الحديث:" أصابنا مطر فحسَرَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثوبَه حتى [أصابه من المطر](٣) "، وقوله:" إنه حديث عهد بربه "(٤). قال بعض أهل المعانى: معناه: حديث عهد بالكون، بإرادة الرحمة لقوله تعالى:{بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}(٥)، وقوله تعالى:{مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِه} الآية (٦)، وقوله:{مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا}(٧)، بخلاف ما أخبر به عنه فيما يقرب عهد كونه بإرادة الغضب والسخط وخوفه، ذلك عند هبوب الرياح وطلوع السحاب حتى تمطر، كما جاء فى الحديث الآخر:" أنه إذا كان يوم الريح والغيم عرف ذلك فى وجهه وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سُرَّ به، ويقول: " خشية أن يكون عذاباً سلط على أمتى " (٨) الحديث، حذر - عليه السلام - أن تعمهم عقوبةٌ بذنوب العاصين [منهم](٩)، ويقول إذا رأى المطر: " رحمة ". وقد ذكر مسلم أحاديث فى هذا المعنى.
(١) آل عمران: ١٧٣. (٢) و (٣) سقط من س. (٤) الذى فى المطبوعة: لأنه حديث عهد بربه. (٥) الأعراف: ٥٧، الفرقان: ٤٨. (٦) ق: ٩. (٧) الفرقان: ٤٨، ٤٩. قال الأبى: الأظهر أن المراد قرب عهدٍ بالإيجاد قبل أن تمسَّه الأيدى الخاطئة ولم تدركه ملاقاة أرض عبد عليها غير الله تعالى، وعلى القول أن أصل المطر من السماء، فالمعنى: قرب عهده من محل رحمة الله تعالى، ويعنى بقرب العهد بإرادة الرحمة ظهور متعلق الإرادة، وإلا فإرادته تعالى قديمة. قال: وأنشد بعضهم فى معنى الحديث: تضوع أرواح نجدٍ من ثيابهم ... بعد القدوم لقرب العهد بالدار قال السنوسى: وكما يتبرك به فلا يمتهَنُ باستعماله فى النجاسات، كصبِّه فى مرحاض، قال: واختار بعضهم استعمال ماء المطر دون ماء الآبار لهذا الحديث، والأطباء يقولون: إنه أنفع المياه ما لم يختزن، كاختزانه فى المراجل، الإكمال ومكمله ٢/ ٤٩. (٨) سيأتى فى الباب التالى رقم (١٤). (٩) ساقطة من س.